اندراجها في مسائل الكلام فليس سبيل العلم منسدا بالنسبة إليها، كيف! والقائل بحجية مطلق الظن يتمسك فيها بالبرهان القاطع العقلي، فلا وجه للقول بانسداد سبيل العلم فيها ليرجع بعده إلى الظن بها.
قلت: كون المسألة من مسائل الكلام من أوهن الكلام، إذ لا ربط لها به كما هو ظاهر من ملاحظة حده، بل هي من مسائل أصول الفقه لكونها بحثا عن الدليل وبيانا لما يناط به حجية الدليل، وبملاحظة حد الأصول يتضح كونها من أوضح المسائل المندرجة فيه.
نعم لو صح اعتبار القطع في أصول الفقه صح القول باعتبار القطع فيها، إلا أن ذلك فاسد جدا إن أريد به اعتبار تحصيل القطع بها أولا، وإن أريد به ما يعم الانتهاء إلى القطع فهو مما لا اختصاص له بالأصول ولا ربط له بالمقام، لوضوح حصول الانتهاء إليه هنا أيضا، وما ذكر من قيام البرهان القاطع على حجية الظن عند القائل به، فكيف يسلم انسداد باب العلم فيها أوهن شئ! فإن الدليل العقلي المذكور على فرض صحته إنما يقرر على فرض انسداد باب العلم بالواقع وبالطريق المقرر من الشرع، كيف! ولو كان عنده طريق خاص قطعي مقرر من الشارع لاستفادة الأحكام لما تم دليله المذكور قطعا لابتنائه على انتفائه حيث اخذ ذلك من جملة مقدماته كما سيجئ بيانه إن شاء الله.
ولا يدعى أيضا قيام الدليل القطعي أولا على حجية كل ظن، وإلا لما احتاج إلى الدليل المذكور، بل إنما يقول بانسداد سبيل العلم بالواقع وبالطريق المقرر من الشرع أولا للوصول إلى الواقع، ويريد بيان أن قضية العقل بعد الانسداد المذكور هو الرجوع إلى مطلق الظن، فالبرهان الذي يدعيه إنما هو بعد فرض الجهل فيستكشف به حال الجاهل، وأن قضية جهله مع علمه ببقاء التكليف ماذا، ونحن نقول: إن قضية ذلك هو الانتقال إلى الظن على الوجه الذي قررناه دون ما ادعوه، فالكلام المذكور ساقط جدا.