وخصوص ما رواه المفضل قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: " من شك أو ظن فأقام على أحدهما فقد حبط عمله، إن حجة الله هي الحجة الواضحة (1)، وخبر تحف العقول عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: " إذا علمت فاقض، وإذا ظننت فلا تقض " (2).
ورواية مسعدة بن صدقة عن الصادق (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام) قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " إياكم والظن فإن الظن أكذب الكذب " (3)، وخبر سليم بن قيس عن مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: " ومن عمي نسي الذكر واتبع الظن وبارز خالقه - إلى أن قال: - ومن نجا من ذلك فمن فضل اليقين " (4) إلى غير ذلك من الأخبار مما يقف عليه المتتبع في الآثار.
وقد أورد على الآيات المذكورة بوجوه:
منها: أن معظم تلك الآيات واردة في أصول الدين، والمنع من العمل بالظن فيها من الأمور المسلمة عند المعظم، ولا دلالة فيها على المنع من العمل بالظن في الفروع كما هو المدعى.
وفيه: أن إطلاقها يعم الأصول والفروع فلا وجه للتخصيص، وكون المقصود هنا خصوص الأصول غير ظاهر، وورودها في شأن الكفار الآخذين بظنونهم في أصول الدين لا يقضي باختصاصها بالأصول بناء على ما تقرر عندنا من كونهم مكلفين بالفروع، بل قد ورد عدة من الآيات في خصوص الفروع مما يحكم به الكفار من الأحكام الباطلة. ومع تسليمه فالعبرة بعموم اللفظ لا خصوص المورد، والقول باختصاص القاعدة المذكورة بالعمومات اللغوية دون الإطلاقات - ومنها المفرد المحلى فإن الدعوى المذكورة محل منع بالنسبة إليها لضعف دلالتها على العموم فتنصرف إلى المورد - ضعيف على إطلاقه.