نعم إن كان المورد بحيث يصرف اللام إلى العهد صح ما ذكر، وإلا فلا وجه لتقييد الإطلاق بمجرد كون المورد خاصا. والظاهر أن القاعدة المذكورة في كلمات الأصوليين يعم العموم الوضعي وغيره، ولذا مثلوا له في المشهور بقوله (صلى الله عليه وآله وسلم): " خلق الله الماء طهورا لا ينجسه... إلى آخره " بعد وقوع السؤال عن بئر بضاعة. ولم نجد هناك من ناقش في ذلك بما ذكر، مضافا إلى عدة من تلك الآيات قد وردت في مقام الاحتجاج الظاهر في عموم الحكم.
واستظهار كون اللام في الآية الأولى للعهد نظرا إلى تقدم ذكر الظن، أو لا على (1) وجه التنكير مرادا به الظن المتعلق بالأصول وقد تقرر عندهم كون النكرة المعادة (2) معرفة عين الأول فيتعين اللام فيها للعهد موهون جدا، وسياق الآية كالصريح في خلافه. وورودها في مقام الاحتجاج ظاهر جدا في إرادة العموم كما يعرف ذلك من ملاحظة نظائرها كما إذا قلت: فلان قتل مؤمنا متعمدا، وإن من قتل المؤمن متعمدا كان مخلدا في العذاب، وفلان أعان ظالما، ومن أعان الظالم سلطه الله عليه، إلى غير ذلك، وهو ظاهر.
والحاصل: أن الظاهر عرفا من الآية الشريفة هو إرادة الاستغراق أو الجنس الراجع إليه دون العهد، والاحتجاج المذكور مبني على الظاهر، وقيام الاحتمال المرجوح لا يهدم الاستدلال بالظواهر.
ومنها: أن مفاد هذه الآيات لا يزيد على الظن، فلا يجوز الاستناد إليها في المقام:
أما أولا: فلأن هذه المسألة من عمدة مسائل الأصول فلا يصح الاتكال فيها على مجرد الظن.
وأما ثانيا: فلأن قضية ظاهرها عدم حجية ظواهرها، فلو صح العمل بتلك الظواهر لم يصح العمل بها، وما يستلزم وجوده عدمه فهو باطل.
ويدفعها: أن الظن الحاصل من ظاهر الكتاب من الظنون التي دل القاطع