عن مجنون فكيف اعتقاد الصدق أقول وتوضيحه أن الكفار يقولون أن خبره صلى الله عليه وآله مخالف للواقع جزما فإن كان مع اخباره بثبوته يعتقد عدم المطابقة للواقع فهو كذب ولا ينافي طريقة العقل وإن كان يعتقد المطابقة للواقع أو يشك في المطابقة وعدمها فهو مجنون يعنى شبيه بالمجنون حيث إن الشك في المطابقة وعدمها لا يصدر عن عاقل ولا ينبغي أن يصدر مثله إلا عن المجنون فضلا عن اعتقاد المطابقة ويرد على ما ذكره أنه لا يثبت إلا واسطتين لأنه لا يبقى حينئذ مجال لادخال ما لا قصد فيه ولا شعور في الكلام لان التشبيه بالمجنون إما من جهة خيالاته وأفكاره أو من جهة مطلق تكلماته وأطواره ولا يمكن الجمع بينهما في التشبيه فإن خبره صلى الله عليه وآله أمر واحد وجزئي حقيقي موجود في الخارج لا يقبل إلا أحد المحتملات اما كونه لا عن شعور العياذ بالله أو عن اعتقاد المطابقة أو مع الشك ولا يجتمع أحد الاحتمالات مع الاخر في الوجود فإما يقال انه يقول لا عن شعور كالمجنون أو يقال أنه يشك كالمجنون أو يعتقد المطابقة كالمجنون بل لا يمكن الجمع في الأخيرين أيضا إلا من باب الاستلزام الفرضي والحاصل أنه لا يمكن الجمع في تشبيه الخبرين ذي الاعتقاد ولا عن شعور فالتحقيق أن الآية لا تثبت إلا المخبر لا عن قصد وشعور لو أريد التشبيه في طور كلام المجنون وحاله أو المخبر عن اعتقاد مع عدم المطابقة للواقع لو أريد التشبيه بأفكار المجنون وخيالاته ولا يبعد ترجيح الأول لكونه آكد في سقوط الاعتبار صورة ومعنى ولمقابلته بالافتراء الذي هو الكذب عن عمد فما ذكره العضدي أظهر ووافقه الجماعة أيضا فلاحظ الشهيد الثاني رحمه الله أيضا في تمهيد القواعد حيث جعل مذهب الجاحظ ثلاثية ثالثها الاخبار بدون اعتقاد والظاهر أن المراد بالاعتقاد وهو قابلية ليدخل الشك أيضا ولذلك لم يلتفت الجماعة ثم إن لي هنا كلاما طارفا لم يلتفت إليه من قبلي هداني إليه التأمل فيما ذكره شيخنا البهائي رحمه الله من فروع هذه المسألة في حواشي زبدته فقال ومما يتفرع على كون صدق الخبر وكذبه مطابقته للواقع وعدمها أم لا أن المدعي لو قال بعد إقامة البينة كذب شهودي فعلى المذهب المختار تسقط دعواه وكذا على مذهب الجاحظ وأما على مذهب النظام لا تسقط دعواه ولو قال لم يصدق شهودي فإن دعواه على المختار تسقط دون المذهبين الأخيرين ولو قال له المنكر صدق شهودك فهو إقرار على المذهبين دون مذهب النظام ولو قال لم يكذبوا فهو إقرار على المختار دون المذهبين الأخيرين ومما يتفرع على هذا الخلاف أيضا ما لو قال المنكر إن شهد فلان فهو صادق فعلى المذهب المختار ومذهب الجاحظ هو إقرار كما هو مذكور في كتب الفروع لأنه لو لم يكن الحق ثابتا لم يكن صادقا إن شهد وأما على مذهب النظام فليس إقرارا انتهى
(٤١٣)