جرير من الواقفية الذين كانوا على الحق ثم توقفوا وروى عنهم ثقات الأصحاب وصرح أجلاء المتأخرين بقبول روايتهم مع جهل التاريخ فيمكن الوثوق على روايتهم لأجل ما ذكر لان المعهود من حال أصحاب الأئمة عليهم السلام كما اجتنابهم عن الواقفية وأمثالهم من فرق الشيعة وكان معاندتهم معهم وتبريهم عنهم أزيد منها عن العامة سيما الواقفية حتى أنهم كانوا يسمونهم الممطورة أي الكلاب التي أصابها المطر يتنزهون عن صحبتهم والمكالمة معهم وكان أئمتهم عليهم الصلاة والسلام يأمرونهم باللعن عليهم التبري عنهم فرواية ثقاتهم وأجلائهم عنهم قرينة على أن الرواية كانت حال الاستقامة أو أن الرواية عن أصلهم المعتمد المؤلف قبل فساد العقيدة أو المأخوذ عن المشايخ المعتمدين من أصحابنا ككتب علي بن الحسن الطاطري فإن الشيخ ذكر في الفهرست أنه روى كتبه عن الرجال الموثوق بهم وبروايتهم قال المحقق البهائي رحمه الله في كتاب مشرق الشمسين والظاهر أن قبول المحقق طاب ثراه رواية علي بن حمزة مع شدة تعصبه في مذهبه الفاسد مبني على ما هو الظاهر من كونها منقولة عن أصله وتعليله رحمه الله يشعر بذلك فإن الرجل من أصحاب الأصول وكذلك قول العلامة رحمه الله بصحة رواية إسحاق بن جرير عن الصادق عليه الصلاة السلام فإنه ثقة من أصحاب الأصول أيضا وتأليف أمثال هؤلاء أصولهم كان قبل الوقف لأنه وقع في زمن الصادق عليه الصلاة والسلام فقد بلغنا عن مشايخنا قدس الله أرواحهم أنه كان من دأب أصحاب الأصول أنهم إذا سمعوا من أحد الأئمة عليهم السلام حديثا بادروا إلى إثباته في أصولهم لئلا يعرضه لهم نسيان لبعضه أو كله بتمادي الأيام وتوالي الشهور والأعوام قانون تعرف عدالة الراوي بالملازمة والصحبة المتأكدة حتى يظهر سريرته علما أو ظنا وباشتهارها بين العلماء وأهل الحديث كالصدوق فان علماء الرجال لم يذكروا له توثيقا واشتهاره بذلك كفافا من غيره وبشهادة القرائن الكثيرة المتعاضدة مثل كونه مرجع العلماء والفقهاء وكونه ممن يكثر عنه الرواية من لا يروي إلا عن عدل ونحو ذلك من القرائن وبالتزكية من العالم بها إما بأن يقول هو عدل أو ما يشمله أو يقبل شهادته إن كان ممن يرى العدالة شرطا أو نحو ذلك واختلفوا في أن الواحد هل يكفي في التزكية أو لا بد من المتعدد على قولين وبني كثير منهم ذلك على أن التزكية رواية أو شهادة فعلى الأول يكفي دون الثاني ولا بد في ذلك من تمهيد مقدمة وهو ان الرواية والشهادة والفتوى كلها من أفراد الخبر المقابل للانشاء والشهادة في اللغة أخبار عن اليقين وعلى ما عرفها الفقهاء أخبار جازم بحق لازم للغير من غير الحاكم فحكم الله ورسوله صلى الله عليه وآله وخلفائه عليهم السلام والحاكم ليس بشهادة وقال الشهيد رحمه الله في القواعد الشهادة والرواية تشتركان في الجزم وتنفردان في أن المخبر عنه إذا كان
(٤٦٤)