ولولدي ما يكفيني فلو كان فتوى فيثبت منه جواز التقاص للمسلط بإذن الحاكم وغيره ولو كان قضاء فلا يجوز الاخذ إلا بقضاء قاض قال الشهيد رحمه الله في القواعد لا ريب أن حمله على الافتاء أولى لان تصرفه صلى الله عليه وآله بالتبليغ أغلب والحمل على الغالب أولى من النادر وقد يشتبه بين التصرف بالإمامة والفتوى كقوله صلى الله عليه وآله من أحيى أرضا ميتة فهي له فعلى الأول كما هو قول الأكثر لا يجوز الاحياء إلا بإذن الإمام عليه السلام وعلى الثاني يجوز كما ذهب إليه بعض أصحابنا ويرد عليه أن التصرف بالتبليغ أغلب فلا بد من الحمل عليه كالسابق فلا يشترط الاذن وأجاب عنه الشهيد رحمه الله بأن اشتراطه يعلم من دليل خارج لا من هذا الدليل قانون الحق أن نبينا صلى الله عليه وآله وسلم قبل البعثة كان متعبدا ولكن لا بشريعة من قبله من الأنبياء عليهم السلام وقيل لم يكن متعبدا بشئ وقيل كان متعبدا بشريعة من قبله على اختلاف في مذاهبهم فقيل بشريعة نوح عليه السلام وقيل بإبراهيم عليه السلام وقيل بموسى عليه السلام وقيل بعيسى عليه السلام وقيل بكل الشرايع وقيل بالوقف لنا أن ضرورة ديننا يقتضي أفضليته صلى الله عليه وآله عن كل الأنبياء عليهم السلام وفيما ذكروه يلزم تقديم المفضول وهو قبيح ولأنه لو كان كذا لكان إما بالوحي أو بالتعليم من علمائهم والأول هو معنى الرسالة والموافقة لا يقتضي المتابعة وأما الثاني فلو ثبت لافتخر أهل الأديان بذلك ولو افتخروا به لشاع ولم يعاشر أهل الكتاب ولم يأخذ منهم شيئا وإلا فالعادة تقتضي بنقله ولا من كتبهم لأنه صلى الله عليه وآله كان أميا لا يقرء ولا يكتب ومع ما روى الخاصة والعامة أنه صلى الله عليه وآله قال كنت نبيا وآدم بين الماء والطين وأيضا كون عيسى عليه السلام في المهد نبيا ويحيى عليه السلام في الصبي دون نبينا صلى الله عليه وآله إلى أربعين سنة ينافي أفضليته وأما بطلان القول بعدم تعبده بشئ فأوضح لاستلزامه كمال النقص وكونه أسوء حالا من آحاد الناس مع ما ورد بما كان يفعله من الأعمال والحج في الاخبار وأما بعد البعثة فالحق أيضا أنه صلى الله عليه وآله لم يكن متعبدا بشريعة من قبله وتوافقه مع غيره في كثير منها ليس نفس المتابعة واختلف الناس فيه أيضا فقال بعضهم بمتابعة شرع من قبله في الجملة مستدلا بظواهر بعض الآيات لنا مع ما تقدم من الأدلة وإن هو إلا وحي يوحى وإن شرعه كان ناسخا وكان ينتظر الوحي في كل مسألة ولا يتمسك بالأديان السابقة وإخباره عن التوراة برجم الزانية لاتمام الحجة على اليهود وإظهار علمه وأما الآيات مثل قوله تعالى ثم أوحينا إليك ان اتبع ملة إبراهيم وبهداهم اقتده وشرع لكم من الدين ما وصى به نوحا فهي محمولة على أصول العقائد وإلا فلم يجز النسخ سيما مع ملاحظة قوله تعالى ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه وكذلك المراد بهدي الجميع ما اتفق الجميع فيه وهو
(٤٩٤)