لا يستلزم سقوط الحق ولكن ليس هذا تفريعا على لفظ الكذب المطلق وبالجملة كما أن نفس المخبر إذا قال خبري كذب معناه على مذهب النظام أن خبري غير موافق لاعتقادي فكذلك غيره ممن وصف ذلك الخبر بالكذب على هذا المذهب لا بد أن يريد أنه غير موافق لاعتقاده وحينئذ فهو إقرار بعدم ثبوته في الواقع كما مر وتوضيح هذا المطلب أن الخبر كما ذكروه وهو كلام كان له خارج يطابقه أو لا يطابقه و المراد بالخارج هو خارج المدلول وإن كان في الذهن كما أشرنا ولا ريب أن النسبة التي هو خارج المدلول اما هو الذي مكتوب في اللوح المحفوظ أو ما يدركه المدرك ويزعمه أن هو ذلك المكتوب و هذا هو الاعتقاد وإن لم يكن مطابقا للمكتوب في الواقع فحقيقة مذهب المشهور في الصدق هو مطابقة مدلول الكلام والنسبة الذهنية الحاصلة منه لما هو مكتوب في اللوح المحفوظ من حيث هو مكتوب هناك وإن أخطأ الواصف به في فهم المطابقة واعتقاده في نفس الامر وحقيقة مذهب النظام هو مطابقته لما يعتقده المدرك أنه كذلك في اللوح المحفوظ من حيث إن اعتقاده ذلك فوصف الخبر بالصدق والكذب على كل المذاهب يلاحظ بالنسبة إلى الخبر من حيث هو خبر لا من حيث صدوره عن المخبر فإذا قال أحد زيد قائم والمفروض في اللوح المحفوظ قيام زيد وكان اعتقاد المخبر عدم قيامه فالخارج عند المخبر عدم القيام يعني يعتقد أن ما في اللوح المحفوظ هو عدم القيام فقوله زيد قائم عند المخبر كذب لأنه مخالف لمعتقده من حيث أنه مخالف لمعتقده وأما غير المخبر ممن يسمع هذا الكلام و يعتقد قيام زيد فهو صدق عنده على مذهب النظام أيضا لكونه موافقا لاعتقاده وهكذا فالخبر عند النظام أيضا لا بد أن يتصف بالصدق والكذب مطلقا فإن الخبر هو نفس الكلام الموصوف لا الكلام مع اتصافه بكون صادرا عن المخبر فما يتوهم أن مذهب النظام هو مطابقة اعتقاد المخبر فقط و الكذب هو مخالفة اعتقاد المخبر فقط فذلك يستلزم أن يكون مذهبه عدم اتصاف الخبر بالنسبة إلى معتقد غير المخبر بصدق ولا كذب وهو واه جدا لان الخبر هو نفس الكلام لا هو من حيث أنه صادر عن المخبر ولا بد له من خارج اعتقادي على مذهبه وهو يختلف بحسب الاعتقادات فلا بد أن يكون مراد النظام من المخبر في قوله صدق الخبر هو مطابقته لاعتقاد المخبر هو مطلق من يلاحظ الخبر لا نفس من تكلم به وأخبر به فقط والذي أوجب والتعبير بهذه العبارة في مذهب النظام وأوقع المتوهم في الوهم هو الاستدلال بقوله تعالى إنهم لكاذبون من حيث أن الواصف بالكذب هو الله تعالى مع أن علمه تعالى مخالف ما اعتقدوه فوصف الله تعالى هذا الخبر بالكذب لأجل محض كونه مخالفا لاعتقاد المخبرين ويدفعه إن ذلك الاستدلال لا بد أن يكون بالنظر إلى اعتقاد المخبرين يعني أنهم لكاذبون بالنظر إلى اعتقادهم أنهم
(٤١٥)