فأصاب الحق فقد أخطأ وفيه أن الظاهر أن المراد بالتفسير كما ذكره المحقق الطبرسي رحمه الله أيضا كشف المراد عن اللفظ المشكل وقيل التفسير كشف الغطاء ولا ريب أنه لا يجوز الحكم بالمراد من الألفاظ المشتركة والمجملة في القرآن بالرأي ومجرد الاستحسان العقلي من دون نص صريح من الأئمة عليهم السلام أو دليل معتبر فلا منافاة بين المنع من التفسير بالرأي وجواز العمل بالظواهر ويمكن أن يراد أن من ترك متابعة مقتضى وضع اللغة والتعارف في بيان المعنى وأبدع معنى للفظ بمجرد الاشتباه فهو ممنوع مع أنا نرى أن المحقق الطبرسي رحمه الله كثيرا ما يفسر الألفاظ ويبين المعاني من دون نص وأثر وأما ما ذكره المفصل من أنه يجوز العمل في القطعيات منه دون الظواهر المحتملة للنسخ و التخصيص وغيره ففيه ما مر من أن محل النزاع إن كان ظاهر الكتاب من حيث أنه هو ظاهر الكتاب فلا يضره هذه المحتملات قبل طروها مثل أوائل نزول الكتاب فإذا نزل آية كان يجوز العمل بها حتى يثبت لها ناسخ أو مخصص أو مقيد وأما بعد سنوح هذه العوارض فيعمل على مقتضاها إذا علم بها على وجهها وإلا فالحال فيه هو الحال في جميع ما يرد علينا في أمثال زماننا من متعارضات الأدلة والمجتهدون أيضا يقولون بأنه لا يجوز العمل بها حينئذ إلا بعد ملاحظة المعارض ينادي بذلك اتفاقهم على لزوم الفحص عن المخصص في العام ووجوب تحصيل القطع بالعدم أو الظن وما يدعى أن الحاصل من تتبع الاخبار أن أصحاب الأئمة عليهم السلام كانوا يعملون بالاخبار العامة بمحض الورود من دون فحص عن المخصص وأنهم ما كانوا يعملون بالآيات كذلك وإجماعهم المستفاد من طريقتهم هو الداعي لاخراج الاخبار عن هذا الحكم بخلاف الكتاب فهو من أغرب الدعاوي فنحن نقول في الكتاب نظير ما قلناه في الاخبار انه يجب الفحص عن الناسخ والمنسوخ والعام والخاص ثم يعمل على ما يبقى ظاهرا بعد ذلك وهذا لا ينافي جواز العمل بالظواهر على ما هو محل النزاع وأما الاستدلال بما دل على حرمة العمل بالظن في مثل هذه الظواهر فإن كان بالآيات ففيه وإن كان لا يتم إلا إلزاما وإلا عند هذا المفصل إن ادعى أن هذا من المحكمات القطعية الدلالة لا من الظواهر إن دلالتها ممنوعة لظهورها في أصول الدين ثم قطعيتها لأنها عمومات وإطلاقات مخصصة بالظواهر لما بينا من الأدلة على حجية الظن الحاصل عن التخاطب ثم الظن الحاصل بعد انقطاع سبيل العلم إلى الاحكام في أمثال زماننا كما سنبينه ومن جميع ذلك ظهر أن حجية ظواهر القرآن على وجوه فبالنسبة إلى بعض الأحوال معلوم الحجية مثل حال المخاطبين بها وبالنسبة إلى غير المشافهين مظنون الحجية وكونها مظنون الحجية اما بظن آخر علم حجيته بالخصوص كأن نستنبط من دلالة الاخبار وجوب
(٣٩٨)