بملاحظة مجموعها يمكن دعوى القطع بأنها تدل على نجاسة مطلق الماء القليل بل الظاهر أن الحكم كذلك ولو كان الحكم بالنجاسات المخصوصة كان واردا في مطلق الماء القليل كما هو مضمون بعض الاخبار فإن عموم الموضوع لا ينفع مع خصوص الحكم إذا عرفت هذا فاعلم أن ما ذكروه في تعريف التواتر من اشتراط كونه منوطا بالحس فإن أرادوا إدراج المشترك المعنوي في التعريف فلا بد أن يقال ان المتواتر هو ما يكون نقل المخبرين منوطا بالحس وموجبا بنفسه العلم بذلك المحسوس أو بالقدر المشترك بين الآحاد الموجود في ضمنها الذي هو غير محسوس في نفسه وإن عرض له المحسوسية بسبب وجوده في ضمن الفرد أو بلازمه سواء كان فهم اللزوم من جهة كل واحد من الآحاد أو من مجموعها فعلى هذا يندفع الاشكال الذي أورده المحقق البهائي رحمه الله على الاجماع المنقول بالخبر المتواتر كما أشرنا سابقا فيكون هذا القسم من الخبر المتواتر والاجماع المتواتر من قبيل أصل الاجماع وفهم اتفاق آراء الكل و مطابقة آرائهم لأقوالهم فكما أن هناك الأقوال المحسوسة ومطابقة الآراء مدركة بالعقل فكذلك في الاجماع المتواتر والخبر المتواتر معنى بالمعنى الأخير ويمكن أن يقال في الوجه الأول من الوجهين أن العلم بحصول فرد محسوس من الافراد مع العلم بمقارنتها مع لازمها الذي دل عليه كل واحد من الآحاد يحصل للسامع وكذلك فيما قبله قانون خبر الواحد ما لم ينته إلى حد التواتر كثرت رواته أم قلت وقيل ما أفاد الظن ويبطل عكسه بخبر لا يفيد الظن والمستفيض ما زاد نقلته على ثلاثة كذا ذكره ابن الحاجب وقرره العضدي وقال التفتازاني في تفسيره أي خبر لا يفيد العلم بنفسه سواء لم يفد العلم أصلا أو أفاد بالقرائن الزايدة قال وعلى هذا لا واسطة بين الخبر المتواتر وخبر الواحد فالمستفيض نوع منه أقول قد عرفت أنهم عرفوا المتواتر بأنه خبر جماعة يفيد بنفسه العلم واحترزوا بالتقييد بنفسه عما لو حصل العلم من القرائن الخارجة عما لا ينفك الخبر عنه عادة كشق الثوب والصراخ والجنازة في المثال الآتي فظهر أن مدخلية القرائن الداخلة في حصول العلم لا تضر بكونه متواترا وإن كان للكثرة أيضا مدخلية في حصول العلم فإذا كان خبر الواحد بقرينة المقابلة هو ما لم ينته إلى حد التواتر يعني لم يكن مما حصل العلم به من جهة الكثرة فيكون له فردان فرد لا يثبت به العلم أصلا وفرد لا يثبت به العلم من جهة الكثرة وإن حصل من جهة القرائن الداخلة أو الخارجة إذ لم يقم دليل على امتناع حصول العلم بخبر الواحد بملاحظة القرائن الداخلة كما سنذكره أو الخارجة كما هو مختار الأكثر فعلى هذا فللخبر الواحد اقسام كثيرة منها ما يفيد القطع من جهة القرائن الداخلة ومنها ما يفيد القطع من جهة القرائن الخارجة ومنها ما يفيد الظن ومنها ما لا يفيده أيضا وعلى هذا فالمستفيض يمكن دخوله في كل من القسمين فيكون قسما
(٤٢٩)