وأيضا الأصل والظاهر يقتضيان عدم إرادة الزايد على المعنى الواحد وعدم وضع اللفظ لأكثر من معنى حتى يكون مشتركا أو منقولا وعدم إرادة معنى آخر من اللفظ غير المعنى الأول بسبب علاقة حتى يكون مجازا فحيث علم وجود هذه المخالفات وإرادة هذه الأمور من اللفظ بقرينة حالية أو مقالية فهو وإن احتمل إرادة هذه الأمور ولم يكن قرينة عليها فلا ريب أنه يجب الحمل على الموضوع له الأولى كما تقدم واما لو كان الاحتمال والتردد بين هذه الأمور المخالفة لأصل الموضوع له المتجددة الطارية له الحاصلة بسبب دواع خارجية فيتصور هناك صور عديدة يعبر عنها الأصوليون بتعارض الأحوال يحصل من دوران اللفظ بين بعض من الاشتراك والنقل والتخصيص والاضمار والمجاز وبعض أخر والتخصيص والاضمار وإن كانا قسمين من المجاز لكنه لما كان لهما مزيد اختصاص وامتيازا فردوهما من أقسام المجاز وجعلوهما قسيما له وذكروا لكل واحد منهما مرجحا على الاخر مثل أن المجاز أرجح من الاشتراك لكثرته وأوسعيته في العبارة وكونه أفيد لأنه لا توقف فيه أبدا بخلاف المشترك والاشتراك أرجح من المجاز من حيث أبعديته عن الخطأ إذ مع عدم القرينة يتوقف بخلاف المجاز فيحمل على الحقيقة وقد يكون غير مراد في نفس الامر وإن المجاز يصح من كل من المعنيين فيكثر الفايدة بخلاف المجاز والاشتراك أرجح من النقل لان النقل يقتضي الوضع في المعنيين على التعاقب ونسخ الوضع الأول بخلاف الاشتراك والنسخ يقتضي بطلان المنسوخ والاشتراك يقتضي التوقف فيكون أولى وإن الاشتراك أكثر من النقل والاضمار أرجح من الاشتراك لاختصاص الاجمال الحاصل بسبب الاضمار ببعض الصور وذلك حيث لا يتعين المضمر وتعميمه في المشترك وإن الاضمار أوجز وهو من محاسن الكلام والتخصيص أرجح من الاشتراك لأنه خير من المجاز وهو خير من الاشتراك والمجاز أرجح من النقل لاحتياج النقل إلى اتفاق أهل اللسان على تغيير الوضع والمجاز يفتقر إلى قرينة صارفة وهي متيسرة والأول متعسر والمجاز فوايده أكثر من النقل ويظهر من ذلك ترجيح الاضمار عليه أيضا والتخصيص أرجح من النقل لأنه أرجح من المجاز وهو أرجح من النقل والتحصيص أرجح من المجاز لحصول المراد وغيره مع عدم الوقوف على قرينة التخصيص والمجاز إذا لم تعرف قرينة يحمل على الحقيقة وهي غير مرادة والتخصيص أرجح من الاضمار لكونه أرجح من المجاز المساوي للاضمار إلى غير ذلك من الوجوه التي ذكروها وفي كثير منها نظر إذ أكثرها معارض بمثلها والبسط في تحقيقها وتصحيحها لا يسعه هذا المختصر وحاصل غرض المستدل في الترجيح بهذه الوجوه إبداء كون صاحب المزية الكاملة أولى بالإرادة للمتكلم فلا بد من حمل كلامه على ما هو أكمل وأحسن وأتم فايدة فلا يختار المتكلم ما هو أخس وأنقص وأقل فايدة إلا في حال الضرورة وحال الضرورة نادرة بالنسبة إلى غيرها والظن يلحق
(٣٢)