المطابق للواقع الذي لا يزول بتشكيك المشكك والجهل المركب وهو الحكم الجازم الغير المطابق سواء زال بتشكيك المشكك أم لا والاعتقاد المشهور اي الحكم الذهني الجازم الذي يقبل التشكيك ثم إن أرادوا من قبول التشكيك في الاعتقاد المشهور القبول في بعض افراده فيشمل العلم وإلا فيخرج عنه العلم وما لا يقبل التشكيك من أفراد الجهل المركب ويدخل فيه الاعتقاد الجازم المطابق للواقع الذي يقبل التشكيك وربما قيل إن العلم هو الحكم الجازم الذي لا يقبل التشكيك والاعتقاد المشهور هو ما يقبله وقسم الاعتقاد إلى هذين و الظن وهو مفوت للجهل المركب وما قيل في دفعه أن الجهل المركب ما يقبل التشكيك مطلقا بمعنى أنه يمكن زواله بإقامة البرهان فيرد عليه أن العلم أيضا ربما يقبل التشكيك بإلقاء الشبهة فإن قلت المراد من قبول التشكيك احتمال نفس الامر للخلاف لا مجرد حصول الشك للمخبر فيرد عليه أن الاعتقاد الجازم المشهوري الذي يقبل التشكيك ربما يكون مطابقا للواقع أيضا وكيف كان فالخبر المعلوم والمظنون والمجزوم به بالاعتقاد المشهوري صادق عند النظام بخلاف الموهوم يعني إذا دل الخبر على الطرف الذي هو مرجوح عند المخبر فهو كاذب وكذا ما كان مشكوكا عنده لعدم كونه مطابقا لاعتقاده وإن كان بسبب انتفاء الاعتقاد رأسا والمراد أن مدلول الخبر متصف بالكذب وإلا فلا حكم للشاك حتى يقال أن خبره صادق أو كاذب واحتج النظام بقوله تعالى والله يشهد ان المنافقين لكاذبون فإنه تعالى حكم بكونهم كاذبين في قولهم إنك لرسول الله صلى الله عليه وآله مع أنه مطابق للواقع فاتصافه بالكذب إنما يكون من جهة مخالفة اعتقادهم وأجيب عنه بوجوه أحدها أنهم كاذبون فيما تضمنه شهادتهم من ادعائهم أنه من صميم القلب كما يدل عليه تأكيد الكلام بأنواع التأكيدات من ذكر كلمة إن واللام والجملة الاسمية لا يقال ان هذا لا يبطل قوله لان دعوى المواطاة وكون الشهادة من صميم القلب مخالف لمعتقدهم أيضا لأنا نقول انه غير مطابق للواقع أيضا فلم يثبت أن وصفه بالكذب لما ذكره دون ما ذكرنا وثانيها أنه راجع إلى دعوى الاستمرار كما يشهد به الجملة المضارعة وثالثها أنه راجع إلى لازم فائدة الخبر وهو كونهم عالمين بذلك معتقدين له ورابعها أن المنافقين قوم متسمون بالكذب وهو عادتهم وسجيتهم فلا تغتر بشهادتهم ولا تعتمد عليهم فإن الكذوب قد يصدق وخامسها أنهم كاذبون في تسمية شهادة لاشتراط مواطاة القلب واللسان في مفهوم الشهادة وتوجيهه أن تسميتهم كأنه اخبار بأن ذلك شهادة فيؤول التسمية إلى الخبر وإلا فالتسمية ليست بخبر وربما يمنع اشتراط المواطاة في مفهوم الشهادة وسادسها أنه على فرض تسليم رجوع التكذيب إلى قولهم إنك لرسول الله فالمراد أنهم كاذبون في اعتقادهم الفاسد لأنهم يعتقدون أن هذا غير مطابق للواقع وسابعها أنه راجع إلى حلفهم على أنهم لم يقولوا لا تنفقوا على من عند رسول الله
(٤١١)