والتعديل كليهما مختلف فيها فلا بد من بيانها وفيه أن ذلك حسن لو لم يعلم الموافقة وعدم المخالفة وحجة القول الثالث وهو مذهب الشافعي وكثير من الأصحاب اختلاف المذاهب في الأحكام الشرعية فربما جرح بما ليس جرحا وفيه أنه لا فرق بين الجرح والتعديل بل العدالة تابع للجرح فإنها ترك لما هو موجب للجرح وما يقال ان التعديل يصعب ذكر أسبابه لكثرة أسبابها بخلاف الجرح فإنه يثبت بسبب واحد لا ينفع في دفع هذا البحث و حجة القول الرابع أن مطلق الجرح كاف في إبطال الثقة برواية المجروح وشهادته وليس مطلق التعديل كذلك لتسارع الناس إلى البناء على الظاهر فيها فلا بد من ذكر السبب وفيه أيضا ما مر من أن الجرح مما يختلف فيه فكيف يكتفى بمطلقه في إبطال الاعتماد مع أن التسارع إلى البناء على الجرح أغلب وأقرب إلى طباع الناس من العدالة لعدم اجتنابهم كثيرا من الظن مضافا إلى أن تسارع الناس إلى البناء على الظاهر في العدالة مبني على القول المهجور عند عامة متأخري أصحابنا بل وأكثر متقدميهم أيضا وحجة القولين الأخيرين لا يحتاج إلى البيان وكذلك ضعف أولهما وقوة الثاني قانون إذا تعارض الجرح والتعديل فقيل يقدم الجرح مطلقا وقيل التعديل مطلقا وقيل بالتفصيل فإن أمكن الجمع بينهما بمعنى أن لا يلزم تكذيب أحدهما في دعواه فيقدم الجرح لان التعديل لا ينافي عدم الاطلاع ببعض ما يوجب الفسق فكلاهما صادقان بمعنى أنه معذور في اجتهاده في التعديل وهذا مصدق في اخباره عن الفسق ولا فرق في ذلك بين التصريح بسبب الجرح وعدمه وذلك مثل قول المفيد رحمه الله في محمد بن سنان أنه من ثقات الكاظم عليه الصلاة والسلام وقول الشيخ رحمه الله أنه ضعيف لجواز إطلاع الشيخ على ما لم يطلع عليه المفيد رحمه الله وإن لم يمكن الجمع بينهما كما لو عين الجارح السبب ونفاه المعدل كما لو قال الجارح رأيته في أول الظهر يوم الجمعة يشرب الخمر وقال المعدل إني رأيته في ذلك الوقت بعينه أنه يصلي فلا بد حينئذ من الرجوع إلى المرجحات كالكثرة والأعدلية والأورعية وغير ذلك ومن هذا القبيل توثيق الشيخ ومدح الكشي والعلامة لداود بن كثير الرقي وروايته في شأنه أن الصادق عليه الصلاة والسلام قال أنزلوا داود الرقي مني بمنزلة المقداد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومن سره أن ينظر إلى رجل من أصحاب القائم عليه الصلاة والسلام فلينظر إلى هذا يعني داود وقيل أنه موافق لما رواه الصدوق رحمه الله أيضا وتضعيف النجاشي وقول ابن الغضائري فيه بأنه كان فاسد المذهب ضعيف الرواية لا يلتفت إليه فيرجع إلى الأكثرية سيما وتضعيف ابن الغضائري مما لا يعتمد عليه غالبا وإن جبر ضعفه بتضعيف النجاشي المعتمد و الأقوى عندي وفاقا لجماعة من المحققين من أصحابنا الرجوع إلى المرجحات في القسم الأول أيضا
(٤٧٥)