يطلق على ما هو غير مقصود بالذات بخلاف الاستعمال فهو كلام يرجع حاصله إلى ما ذكرناه من الدلالة التبعية فلا ريب أن رجل في قوله تعالى وجاء رجل من أقصى المدينة ليس من هذا القبيل وكذلك رأيت أسدا ورجلا ونحو ذلك فكيف يحول تحقيق المقام على ما يذكره في باب الاستعارة وإن أرادوا أنه أطلق وأريد منه فرد ما أو جميع الافراد وهو حقيقة لوجود الكلي في ضمنها مثل رأيت إنسانا وجاء رجل فهو مجاز لا حقيقة لاستعمال اللفظ في غير ما وضع له كما بينا فغاية الامر أن وجود الكلي في ضمن الفرد (علامة)؟
للمجاز وكذا مناسبة الكلي لفرد ما علاقة له بقي الكلام في بيان مطلب من قال أن صيغة إفعل حقيقة في القدر المشترك بين الوجوب والندب وهو الطلب الراجح لأنه قد استعمل فيهما فلو كان حقيقة في أحدهما أو كليهما لزم المجاز والاشتراك فهو للقدر المشترك وما أجيب عن ذلك بأنه يلزم على هذا تعدد المجاز لو استعمل في كل منهما لان استعمال ما هو موضوع للكلي في الفرد مجاز وما رد به من أن ذلك إذا أريد الفرد مع قيد الخصوصية لا مطلقا فإنه لا يخلو عن إشكال وإغلاق وذلك لان صيغة إفعل مشتملة على مادة وهيئة ووضعها بالنسبة إلى المادة عام والموضوع له عام واما بالنسبة إلى الهيئة فهي متضمنة لاسنادين أحدهما إسناد الفعل إلى المتكلم من حيث الطلب والثاني إسناده إلى المخاطب من حيث قيام الفعل به وصدوره عنه ووضعها بالنسبة إليهما وضع حرفي والمتصف بالوجوب و الندب والرجحان هو النسبة الطلبية الصادرة عن المتكلم فعلى هذا فالموضوع له كل واحد من الجزئيات على التحقيق في وضع الحروف فإذا استعمل الصيغة في الموارد الخاصة فهي مستعملة بنفسها فيما وضع له لا أنها من قبيل استعمال العام في فرده بل هو استعمال اللفظ الموضوع باعتبار معنى عام للجزئيات الخاصة في تلك الجزئيات فكما أن كل طلب خاص من كل متكلم خاص وانتساب الفعل إلى كل مخاطب خاص نفس الموضوع له للصيغة واستعمال الصيغة فيها حقيقة مثل أن زيدا إذا قال لعمرو اضرب أو بكر قال لخالد اضرب وهكذا فكل منهما مستعمل فيما وضع له فكذلك الكيفية الطارية للنسبة في هذه المواضع من الوجوب والندب أو الطلب الراجح أيضا راجعة إلى نفس ما وضع له فلا يصح القول بأن ذلك استعمال للعام في الخاص حتى يتفرع عليه الجواب المذكور أيضا فعلى هذا القول إن قلنا بأن الصيغة موضوعة لجزئيات الطلب الحتمي الايجابي بعد تصور ذلك المفهوم الكلي حين الوضع وجعله آلة لملاحظة الموضوع له فإذا استعمل في مورد خاص لإفادة الايجاب مثل أن يقول زيد لعبده إفعل كذا فهو مستعمل في نفس ما وضع له وهكذا في الندب وكذا الطلب الراجح ولا فرق فالمستدل في هذا المقام إن أراد أن الملحوظ حين الوضع هو الطلب الراجح بمعنى عدم ملاحظة الوجوب والاستحباب