بقول من العالي على سبيل الاستعلاء ويدخل فيه التحريم على ما هو المتبادر من هذه المادة في العرف أيضا وأما مثل اكفف عن الزنا فيدخل في الامر من حيث ملاحظة الكف بالذات وأنه فعل من الافعال ونهي من حيث أنه آلة لملاحظة فعل آخر وهو الزنا وحال من الأحوال وربما قيل بكونه مشتركا بين التحريم والكراهة أو قدر مشترك بينهما والأقرب الأول ويظهر وجهها مما تقدم في الامر وأما صيغة لا تفعل وما معناها فالأشهر الأظهر إنها أيضا حقيقة في الحرمة وقيل بأنها حقيقة في الكراهة وقيل بالاشتراك لفظا وقيل معنى وقيل بالوقف لنا التبادر عرفا وكذلك لغة وشرعا لأصالة عدم النقل والاحتمالات المتقدمة في صيغة الامر آتية هنا فعليك بالتأمل وتطبيقها على ما نحن فيه وكذلك يظهر أدلة سائر الأقوال وأجوبتها مما تقدم وربما يستدل على المشهور بقوله تعالى وما نهيكم عنه فانتهوا فإن صيغة إفعل للوجوب ووجوب الانتهاء عن الشئ ليس إلا تحريم فعله فدل على تحريم المنهي عنه وفيه أن هذا إنما يتم لو قلنا كل صيغة لا تفعل نهي وهو مسلم إن لم نقل بكون النهي بلفظه مأخوذا في معناه التحريم وهو خلاف التحقيق كما عرفت فحينئذ فلا يصدق النهي على صيغة لا تفعل إلا ما علم إرادة الحرمة منه والنزاع في صيغة لا تفعل مجردة عن القرائن لا فيما علم كونه للحرمة فحينئذ يكفي صدق النهي عليها في إفادة الحرمة ولا حاجة إلى دليل آخر كما مر نظيره في الامر وإن لم يجعل لفظ نهى ينهي مأخوذا في معناه الحرمة كما هو مبني الاستدلال ظاهرا ففيه أولا ما بيناه من أن الحق خلاف ذلك وثانيا أن هذا الاستدلال يدل على عدم الدلالة لغة وإلا لما احتاج إلى الاستدلال وأما في خصوص نهيه صلى الله عليه وآله فصيرورته بذلك مدلولا حقيقيا له أيضا محل الكلام بل يصير ذلك من باب الأسباب والعلامات ولا يفيد أن مدلول لا تفعل في كلامه يصير كذلك حقيقة بل إنما يدل على أن كل ما منعه بقوله لا تفعل يجب الانتهاء عنه وثالثا أن حمل الامر على الاستحباب مجاز وتخصيص كلمة الموصول مجاز آخر ولا محالة لا بد من إخراج المكروهات ولا ترجيح لأحدهما على الاخر وأرجحية التخصيص يعارضه لزوم إخراج الأكثر مع أنه يحتمل أن يكون المراد أنه يجب الاذعان على مقتضى مناهيه وامتثالها على طبق مدلولاتها إن حرمة فبالانزجار البت وإن كراهة فبالانزجار تنزيها والاعتقاد على مقتضاهما في المقامين وبالجملة المطلوب الاذعان على مقتضاه ورابعا أنه لا يدل إلا على حكم مناهي الرسول صلى الله عليه وآله و انفهام حرمة مخالفة الله تعالى عن حرمة مخالفته صلى الله عليه وآله بالفحوى لا يدل على دلالة لفظ لا تفعل في كلامه تعالى على ذلك لعدم الملازمة بينهما كما هو واضح بين إلا أن يتشبث بعدم القول بالفصل وفيه أيضا إشكال ثم إن صاحب المعالم رحمه الله ومن تبعه تأملوا في دلالة المناهي الواردة في كلام أئمتنا عليهم السلام
(١٣٦)