جزما فيكون البليد معنى مجازيا بالنسبة إلى ذلك المعنى الحقيقي وإن احتمل أن يكون الحمار موضوعا بوضع أخر للحيوان القليل الادراك ويكون البليد حقيقة بالنسبة إليه فلا يكون سلبه بالمعنى الأول موجبا لمجازيته بالنسبة إلى هذا المعنى لكونه حقيقة بالنسبة إليه حينئذ ومما ذكرنا يظهر حال عدم صحة السلب بالنسبة إلى المعنى الحقيقي فان المراد عدم صحة سلب المعني الحقيقي في الجملة فيقال انه علامة لكون ما لا يصح سلب المعني الحقيقي عنه معنى حقيقيا بالنسبة إلى ذلك المعنى الذي لا يجوز سلبه عنه وإن احتمل أن يكون للفظ معنى حقيقي آخر يصح سلبه عن المبحوث عنه فيكون مجازا بالنسبة إليه فلا يتوقف معرفة كون المبحوث عنه حقيقة على العلم بكونه حقيقة حتى يلزم الدور وكيف يتصور صدق جميع الحقائق على حقيقة لو فرض كون اللفظ مشتركا حتى يجعل ذلك منشأ للاشكال كما توهم في جانب المجاز إذ هذا التصور مبني على جعل قولهم عدم صحة سلب الحقايق سلبا كليا كما في المجاز وأما لو جعل سلبا جزئيا فلا يرد ذلك ولا يحتاج إلى إضمار الدور ولكنه لا يناسب حينئذ إثبات الحقيقة مطلقا بل يناسب إثباتها في الجملة فليعتبروا في المجاز أيضا كذلك ويضيفوا إليه ملاحظة النسبة حتى يرتفع الدور والحاصل أن معرفة كونه حقيقة في هذا المعنى الخاص موقوف على معرفة الحقيقة في الجملة وذلك لا يستلزم دورا الثاني أن يكون المراد من صحة السلب وعدم صحة السلب سلب المعنى الحقيقي وعدمه عما احتمل فرديته له بأن يعلم للفظ معنى حقيقي ذو أفراد وشك في دخول المبحوث عنه فيها وعدمه وحاصله أن الشك في كون ذلك مصداق ما علم كونه موضوعا له لا في كون ذلك موضوعا له أم لا مثل انا نعلم أن للماء معنى حقيقيا و نعلم أن الماء الصافي الخارج من الينبوع من أفراده ونعلم أن الوحل خارج منها ولكن نشك في ماء السيل الغليظ أنه هل خرج عن هذه الحقيقة أم لا وكذا الجلاب المسلوب الطعم والرائحة هل دخل فيها أم لا فيختبر بصحة السلب وعدمها وهذا أيضا لا يستلزم الدور فافهم ذلك وهذان الوجهان مما لم يسبقني إليهما أحد فيما أعلم والحمد لله الرابع الاطراد وعدم الاطراد فالأول علامة للحقيقة والثاني للمجاز فنقول هيئة الفاعل حقيقة لذات ثبت له المبدء فالعالم يصدق على كل ذات ثبت له العلم وكذا الجاهل والفاسق وكذلك اسئل موضوع لطلب شئ عمن شأنه ذلك فيقال اسئل زيدا أو اسئل عمرا إلى غير ذلك بخلاف مثل اسئل الدار فنسبة السؤال مجازا إلى شئ وإرادة أهلها غير مطرد فلا يقال اسئل البساط واسئل الجدار وبيان ذلك يحتاج إلى تمهيد مقدمة هي أن الحقائق وضعها شخصي والمجازات وضعها نوعي والمراد بالأول أن الواضع عين اللفظ الخاص المعين بإزاء معنى خاص معين سواء كان المعنى عاما أو خاصا وسواء كان وضع اللفظ باعتبار المادة أو الهيئة
(٢٢)