يشكل الفرق بين هذا المقام وما تقدم وعلى القول بكون المطلوب هو الكف يتوجه القول بالعينية هنا ويمكن الفرق بأن الكلام ثمة كان في دلالة لفظ النهي على الامر مع قطع النظر عن الأدلة الخارجية مثل امتناع تعلق التكليف بالعدم ونحوه بخلافه هيهنا وهو أيضا مشكل لعموم الكلام ثمة أيضا وعلى أي تقدير فهيهنا إشكال آخر وهو أنه على القول بكون المطلوب بالنهي هو الكف يؤل الامر إلى النهي عن ضد الكف أيضا على القول بأن الامر بالشئ يقتضي النهي عن ضده فيلزم الدور فتأمل الثانية اختلفوا في أن هذا الترك هل هو من قبيل الفعل أم لا ذهب المحققون إلى الأول ويظهر الثمرة في مثل ما لو علق الظهار على فعل ليس فيه رضى الله فتركت صوما أو صلاة وما لو ألقى في النار وتمكن عن الخلاص فلم يتخلص حتى مات فهو قاتل نفسه وإلا فيجب القصاص له قانون اختلفوا في دلالة النهي على التكرار على قولين فعن الأكثر أنه للتكرار والأقوى العدم لنا ما مر مرارا من أن الأوامر و النواهي وغيرها مأخوذة من المصادر الخالية عن اللام والتنوين وهي حقيقة في المهية لا بشرط شئ ولا يزيد الهيئة على المادة إلا الطلب الحتمي التحريمي أو الايجابي والأصل عدم شئ آخر فمن يدعيه فعليه بالبيان مع أنا نرى بالعيان استعماله في كل واحد من المعنيين كالزنا وصلاة الحائض ونهي الطبيب عن الضار في المرض فاللفظ قابل لهما ومستعمل فيهما والمجاز والاشتراك خلاف الأصل حتى يثبت بالدليل واحتجوا بأن النهي طلب ترك الطبيعة ومنع المكلف عن إدخال المهية في الوجود وهو إنما يتحقق بالامتناع عن إدخال كل فرد كما أن الطلب الايجابي يحصل الامتثال فيه بإتيان فرد وفيه أن ذلك لا يفيد ذلك ولو كان مدخول الطلب التحريمي المهية بشرط الوحدة أو بشرط العموم المجموعي أيضا مع كونهما مفيدين للعموم في الجملة فضلا عما لو كان المدخول هو الطبيعة المطلقة كما هو القدر المسلم في مبدء الاشتقاق إذ كما أن المطلوب يحتمل الاطلاق والتقييد كذلك الطلب أيضا يحتملهما فكما يصح أن يقال طلب منك عدم الزنا الحاصل ما دام العمر أو عدم الزنا في شهر أو سنة كذلك يصح أن يقال أطلب منك ما دام العمر ترك الزنا أو أطلب في هذا الشهر منك ترك الزنا ولا دلالة في اللفظ على أحد التقييدين فطلب ترك الطبيعة إنما يقتضي ترك جميع أفراد الطبيعة في الجملة لا دائما وأين المطلقة من الدائمة فلا يمكن إثبات الدوام والتكرار للنهي لا من جهة المادة ولا من جهة طلب الترك اللهم إلا أن يتشبث بالتبادر العرفي كما يظهر من بعضهم وهو خلاف ما ذكره المستدل مع أنه في معرض المنع أو يتشبث في ذلك بأن طلب الترك مطلق وإرادة ترك الطبيعة في وقت غير معين اغراء بالجهل فوقوعه في كلام الحكيم يقتضي حمله على العموم وهذا وجه وجيه
(١٣٨)