من إضمار فعل يصلح متعلقا له لان الاحكام إنما تتعلق بأفعال المكلفين ولا يمكن إضمار كل الافعال المتعلقة بها لان الاضمار خلاف الأصل فلا يرتكب إلا بقدر الضرورة وهي ترتفع بإضمار البعض ولا دليل على خصوصية شئ منها فيقع الاجمال وأجابوا عنه بمنع عدم الدليل على الخصوصية لان ظهور ما هو المقصود منه في العرف يرجح ذلك أقول وقد عرفت ما في ذلك فالتحقيق في الجواب أن ما لم يثبت من الخارج مرجح لاحد المعاني فنحملها على الجميع إذ قد لا يرتفع الضرورة إلا بذلك فقوله وهو يرتفع بإضمار البعض مطلقا ممنوع قانون المبين نقيض المجمل فهو ما دلالته على المراد واضحة وهو قد يكون بينا بنفسه مثل قوله تعالى والله بكل شئ عليم فإن أفادته لشمول علمه تعالى لجميع الأشياء بنفس اللغة لا بشئ خارج وفي هذا المثال تأمل إذ العام ظاهر في الشمول وليس بنص نعم مع انضمام الخارج إليه يصير نصا لكنه ليس مقتضى اللغة وقد مر في الفرق بين النص والظاهر في محله ما ينفعك هنا وقد يكون مع تقدم إجمال كقوله تعالى أقيموا الصلاة بعد حصول البيان بفعله عليه السلام والعام المخصص وغيرهما وتسمية القسم الأول بالمبين إما مسامحة وإما لأنه من باب ضيق فم الركية فإن أهل اللغة وضعوه مبينا والبيان مأخوذ من بان بمعنى ظهر أو من البين وهو الفرقة بين الشيئين وهو إما المراد به فعل المبين وهو التبيين كالكلام بمعنى التكليم والسلام بمعنى التسليم وأما الدليل على ذلك أي ما به التبيين وأما متعلق التبيين وهو المدلول ومعناه حينئذ العلم من الدليل وقد يسمى ما به البيان مبينا على لفظ الفاعل وهو يحصل بالقول إجماعا وبالفعل على الأقوى أما القول فمن الله تعالى كقوله عز وجل صفراء فاقع إلخ فإنه بيان للبقرة في قوله تعالى أن تذبحوا بقرة على الأصح ومن الرسول كقوله صلى الله عليه وآله فيما سقت السماء العشر فإنه بيان لمقدار الزكاة المأمور بإتيانها وأما الفعل فهو قد يكون دلالته على البيان بمواضعه كالكتابة وعقد الأصابع والإشارة بالأصابع في تعيين عدد أيام الشهر وغيره أو بغيرها كما بين صلى الله عليه وآله الصلاة والحج بفعله وإتيانه بالأركان على ما هي عليه وقد يكون تركا كما لو ركع في الثانية بغير قنوت فإنه يدل على عدم وجوبه ثم العلم بكون الفعل بيانا إما يعلم بالضرورة من قصده أو بقوله إن ما فعله بيان للمجمل أو أمره بأن يفعل مشابها لما فعله مثل قوله عليه السلام صلوا كما رأيتموني أصلي فإنه ليس فيه بيان قولي لافعال الصلاة بل إحالة على ما فعله في الخارج فبطل ما توهم أن هذا بيان قولي الا فعلي أو بالدليل العقلي كما لو أمر بفعل مضيق مجمل وفعل فعلا يصلح لكونه بيانا فالعقل يحكم بأنه بيان له وإلا يلزم تأخير البيان عن وقت الحاجة وخالف بعض العامة في جواز كون الفعل بيانا
(٣٤٠)