في دلالة المفرد المحلى عليه وتنقيح المطلب يستدعي رسم مقدمات الأولى المراد بالمفرد هنا اسم الجنس ولا بد من بيان المراد من الجنس واسم الجنس والفرق بين اسم الجنس وعلم الجنس (في)؟ النكرة والمعرف بلام الجنس والجمع واسم الجمع فاعلم أن المراد من الجنس هو الطبيعة الكلية المقررة في نفس الامر مع قطع النظر عن وضع لفظ له فمفهوم الرجل بمعنى ذات ثبت له الرجولية الذي هو مقابل مفهوم المرأة هو الجنس ولا يعتبر في تحقق مفهومه وحدة ولا كثرة بل ويتحقق مع الواحد وما فوقه والقليل والكثير ولفظ رجل اسم يدل على ذلك الجنس لكنهم اختلفوا في أن المراد باسم الجنس هو المهية المطلقة لا بشرط شئ فيكون مطابقا للمسمى أو المهية مع وحدة لا بعينها ويسمى فردا منتشرا والأقوى الأول وذلك لان الأسماء التي يتعاور عليها المعاني المختلفة بسبب تعاور الألفاظ الغير المستقلة عليها كاللام والتنوين والألف والنون وغيرها من التغييرات والمتممات لا بد أن يكون لها مع قطع النظر عنها معنى شخصي وضع اللفظ له كما أنه يحصل لها بسبب لحوق هذه اللواحق أوضاع نوعية مستفادة من استقراء كلامهم فالقول بثبوت الوضع الشخصي بالنسبة إلى كل واحد من المعاني بملاحظة كل واحد من اللواحق في كل واحد من الأسماء لعله جزاف فيستفاد من ملاحظة تعاور المعاني المختلفة على اللفظ بسبب تعاور الملحقات بحسب المقامات ان هناك مفهوما مشتركا بينهما مع قطع النظر عن اللواحق يوجد منه شئ في الكل ويتفاوت بحسب المقامات وليس ذلك في مثل رجل إلا معنى الماهية لا بشرط لا يقال الاسم لا يخلو عن شئ من اللواحق ولا يجوز استعمال بدون شئ منها فلم لا تقول بأن رجلا منونا مثلا موضوع لكذا ومعرفا باللام موضوع لكذا وملحقا به الألف والنون لكذا وهكذا فلا يجب فرض الرجل خاليا عن تلك اللواحق حتى يلزم له إثبات معنى ويقال أنه موضوع للجنس والماهية لا بشرط لأنا نقول أولا أن مفهوم الرجل لا بشرط مع قطع النظر عن التعيين في الذهن مفهوم مستقل يحتاج إلى لفظ في التفهيم وثانيا أنه أيضا مستعمل في الأسماء المعدودة ولا ريب أنه ليس بمهمل بل موضوع وليس له معنى إلا ما ذكرناه وثالثا أن كل اللواحق ليس مما يفيد معنى جديدا ولا يجب أن يؤثر في المعنى تأثيرا فمنشأ التوهم في هذه الاعتراض لزوم إتمام الاسم بأحد المذكورات ويدفعه أن تنوين التمكن أيضا مما يتم به الاسم ولكنه ليس الغرض منه إلا أمرا متعلقا بالاعراب كما في جائني زيد فقولك رجل جائني لا امرأة إنما يراد به بيان المهية وكذلك أسد علي وفي الحروب نعامة وكيف كان فالظاهر أن لفظ رجل إذا خلا عن اللام والتنوين موضوع للماهية لا بشرط ويؤيده ما نقلنا سابقا عن السكاكي اتفاقهم على كون المصادر
(١٩٨)