على الحرمة بعد تسليمها في أصل الصيغة لما ذكروه في صيغة الامر من جهة كثرة الاستعمال في المكروهات و صيرورتها فيها من المجازات الراجحة المساوية للحقيقة والجواب عنه هو نفس الجواب عما تقدم في الامر فلاحظ قانون اختلفوا في أن المراد من النهي هو الكف أو نفس أن لا تفعل والأقرب الثاني لنا صدق الامتثال عرفا بمجرد ترك العبد ما نهاه المولى مع قطع النظر عن ملاحظة أنه كان مشتاقا إلى الفعل فكف نفسه عنه فإن قلت العدم الأزلي سابق ويمتنع التأثير فيه للزوم تحصيل الحاصل مع أن أثر القدرة متأخر عنها قلت الممتنع هو ايجاد العدم السابق لا استمراره وأثر القدرة يظهر في الاستمرار فإذا ثبت إمكان رفعه بإتيان الفعل فيثبت إمكان إبقائه باستمرار الترك إذ القدرة بالنسبة إلى طرفي النقيض متساوية وإلا لكان وجوبا أو امتناعا فإن قلت لو كان المطلوب هو العدم لزم أن يكون ممتثلا ومثابا بمحض الموافقة الاتفاقية أو بسبب عدم القدرة على الفعل و عدم إرادته أو غير ذلك قلت أولا أنه معارض بالكف بقصد الربا وثانيا أن الكلام إنما هو على ظاهر حال المسلم وثالثا انا لا ندعي الكلية بل ندعي إمكان حصول الامتثال بمجرد ترك الفعل فإن الثواب موقوف على الامتثال سواء كان محتاجا في الترك إلى الكف أو فعل ضد آخر أو لم يكن بل يكفي في ذلك قوة الداعي الحاصل بتوطين النفس على الامتثال والانتهاء عن كل ما نهي عنه وإن لم يكن قادرا على الفعل بل وغير مستشعر أيضا ويؤيد ذلك أنه لو لم يكن نفي الفعل مقدورا للزم عدم العقاب على ترك الواجب إلا مع الكف عنه وهو باطل جزما فإن قلت على ما ذكرت أيضا يؤل الكلام إلى أن المكلف به ليس نفس ترك الفعل كيف كان بل هو أمر وجودي وهو إبقاء العدم واستمراره ولو كان بمجرد توطين النفس على الامتثال بمجرد تصور تمكن أن يصدر عنه الفعل وإن لم يكن قادرا عليه بالفعل أيضا وإلا فقد يكون مكلفا بالكف وقد يكون مكلفا بفعل أحد الأضداد الوجودية غير الكف فالذي يكون (مقدورا)؟ له هو أحد هذه الأمور على التفصيل فالمطلوب إنما هو ذلك الامر الوجودي كالأمر بإحراق الحطب فإنه حقيقة أمر بإلقاء الحطب في النار قلت قد مر الكلام في نظيره في مقدمة الواجب فتذكر ونقول هنا أن ذلك من قبيل طلب حركة المفتاح المقدورة بحركة اليد ولا مانع منه لان المقدور بواسطة المقدور مقدور وإن كان غير مقدور بلا واسطة فعدم الفعل في الآن الثاني من التكليف مقدور بواسطة أحد الأمور المذكورة فهو المكلف به بالذات وسائر الأمور مكلف بها بالتبع من باب المقدمة ومن جميع ما ذكرنا يظهر حجة القول الاخر وجوابه وعدم حسن الاقتصار على الكف فقط فائدتان الأولى قد عرفت أنهم اختلفوا في دلالة النهي عن الشئ على الامر بضده على حذو ما ذكروه في الامر و
(١٣٧)