عدم العلم وفيه أن ذلك إنما يتم إذا علمنا بأن فيما لا نعلم حاله من الأشياء من جهة المعلومية لهم وعدمها ما هو معلوم لهم وهو فيما نحن فيه ممنوع إذ لا نعلم نحن أن في زمرة ما لا نعلم حاله من المسؤولات ما يعلمه المعصوم عليه السلام وأما الثاني وهو السؤال عما لم يقع بعد فهو أيضا يحمل على العموم إن لم يكن له فرد ظاهر ينصرف إليه واحتمال أن يكون المقام مقتضيا للابهام فلعل المسؤول أراد الحكم بالنسبة إلى بعض الأحوال وترك بيانه إلى وقت الحاجة مع أنه خلاف الأصل لا يلتفت إليه مع ثبوت الظهور في العموم فعدم العلم بكون المقام مقتضيا للابهام يكفي في الحمل على العموم وأما الثانية فهو إنه اما نقل فعل المعصوم عليه السلام سواء علم جهة الفعل كما لو أخذ مالا عن يد مسلم بشاهد ويمين أو لم يعلم كما لو أخذ المال عن يد أحد و لم يعلم وجهه فلا يجوز التعدي إلا أن يثبت بدليل من خارج أو نقل حكمه في مادة مخصوصة مع احتمال وقوعها على كيفيات مختلفة يختلف باختلافها الحكم من دون سبق سؤال وهذه مما يقولون لها قضايا لأحوال وأنه لا عموم فيها فإنها محتملة لاقتصاره في المادة المخصوصة فتصير في غيرها مجمل الحكم فلا يصح الاستدلال وأما التعدي في مثل قوله عليه السلام في جواب الأعرابي كفر حيث سئله عن مواقعة أهله في نهار رمضان فهو من جهة فهم العلة كما أشرنا في باب المفهوم وسيجئ في باب القياس ولنذكر للقاعدتين مثالين الأولى أن امرأة سئلت عنه عليه السلام عن الحج عن أمها بعد موتها فقال نعم ولم يستفصل هل أوصت أم لا والثانية حديث أبي بكرة لما ركع ومشى إلى الصف حتى دخل فيه فقال له النبي صلى الله عليه وآله زادك الله (حرضا)؟ ولا تعد فلا يجوز الاستدلال بها على جواز المشي وإن كان كثيرا إذ يحتمل أن يكون مشي أبي بكرة قليلا فالقدر المتيقن هو ما لم يحصل الكثرة عادة قانون المعروف من مذهب الأصحاب أن ما وضع لخطاب المشافهة من قبيل يا أيها الذين آمنوا ويا أيها الناس ونحو ذلك لا يعم من تأخر عن زمن الخطاب بل يظهر من بعضهم أنه إجماع أصحابنا وهو مذهب أكثر أهل الخلاف و ذهب الآخرون إلى العموم والشمول والحق هو الأول لنا أن خطاب المعدوم قبيح عقلا وشرعا وقول الأشاعرة بجوازه مكابرة ناشئة عن قولهم بقدم الكلام النفسي وجعلهم التكليف من جملته وفيه مع أن الكلام النفسي غير معقول أن التكليف طلب والطلب أمر إضافي نسبي لا يتحقق إلا بتحقق المنتسبين والمفروض انعدام المطلوب منه فينتفي تعلق الطلب بانتفاء المطلوب منه فينتفي الطلب بانتفاء جزئه والقول بحدوث التعلق وقدم الطلب مع أنه لا معنى له لا يدفع إلتزام حدوث التكليف لانتفاء الكل في الأول بانتفاء جزئه فيكون الكل حادثا وأيضا جواز التكليف مشروط بالفهم فإذا لم يجز تكليف الغافل والنائم والساهي بل الصبي المجنون فالمعدوم أولى بالعدم وكل ذلك عند القائلين بتحسين
(٢٢٩)