محتجا بأن البيان بالفعل يوجب الطول فيتأخر البيان مع إمكان تعجيله وفيه أولا أنه قد يكون القول أطول من الفعل وثانيا أنه يلزم تأخير البيان لو لم يشرع بالفعل بعد إمكان الشروع وبعدما شرع فإذا احتاج إتمامه إلى زمان طويل لا يسمى ذلك تأخير البيان عرفا كما لا يسمى بذلك في القول في الزمان المحتاج إليه وثالثا أنه لا قبح في هذا التأخير سيما إذا كان أصلح ورابعا أن امتناع تأخير البيان مع إمكان التعجيل إنما يسلم قبحه إذا كان عن وقت الحاجة وهو خارج عن الفرض قانون ذهب أصحابنا وجميع أهل العدل إلى امتناع تأخير بيان المجمل عن وقت الحاجة لاستلزامه تكليف ما لا يطاق وأما تأخيره عن وقت الخطاب ففيه أقوال ثلاثة المشهور الجواز وفصل بعضهم فجوز في غير ما له ظاهر وأما ما له ظاهر كالعام والمطلق والامر الظاهر في الوجوب فلا يجوز فيه تأخير البيان رأسا وأما مع البيان الاجمالي فلا بأس وربما زاد بعض العامة عدم جواز تأخير البيان في المنسوخ أيضا فذهب إلى لزوم اقترانه بالبيان الاجمالي بأن يقال وقت الخطاب إن هذا الحكم سينسخ وهو في غاية الضعف للاجماع من العامة والخاصة على عدمه بل جعلوا تأخير بيان الناسخ من شرائط النسخ لنا على الجواز مطلقا عدم المانع عقلا ووقوعه في العرف والشرع أما الأول فلما سنبين من ضعف ما تمسك به المانع وإمكان المصلحة في التأخير مثل توطين المكلف نفسه على الفعل والعزم عليه إلى وقت الحاجة وتهيؤه للفعل حتى يكون عليه أسهل بل قد يكون التأخير أصلح لان مع اقتران البيان ربما يعلم سهولة التكليف والتوطين عليه إلى وقت الحاجة سهل وأما مع عدم الاقتران فربما يحتمل كون المكلف به أشق مما هو مراد في نفس الامر ويوطن نفسه على الأشق والأسهل مع أن المط منه هو الأسهل وفي صورة اقتران البيان بإرادة الأسهل لا يوطن إلا على الأسهل ولا فرق في ذلك بين الأوامر والتكاليف والحكايات والقصص فما توهم بعض القائلين بجواز تأخير البيان عن وقت الخطاب مطلقا من عدم جوازه في الاخبار والحكايات نظرا إلى أنها ليس لها وقت الحاجة بل المراد منها التفهيم ولا بد أن يكون مقترنا بالخطاب لا وجه له إذ من الجائز أن يكون المراد من الخبر لازم فايدته مثل أن يعتقد على ما هو ظاهر ليحصل به ما يحصل من حقيقة المراد فيمكن تأخر زمان الاحتياج إلى بيان نفس المراد والعلم بأصل الخبر وحصول فائدته بذاته مثل أن يقال قتل فلان مع أنه ضرب ضربا شديدا لأجل تعذيب أوليائه وتشويشهم أو لأجل تفريح أعدائه وتجريتهم ثم يبين أن المراد الضرب الشديد وأما الثاني فكثير لا حاجة إلى البيان أما في العرف فلانه يصح عرفا أن يقول الملك لاحد من غلمانه قد وليتك البلد الفلاني فاذهب إليه إلى وقت كذا وسأكتب لك
(٣٤١)