شرعيا فإنه يؤل إلى الخروج عن كلام الشارع رأسا وفي العمل بأحدهما عمل بكلامه في الجملة فلا بدان يكون مراد القوم من الأولوية اما مطلق الرجحان أو الوجوب فيما يمكن جمع يوافق طريقة متفاهم أهل اللسان كالتخصيص وغيره ويكون غيره داخلا في غير الممكن فالمراد من الامكان ما يعم الامكان بملاحظة العرف ثم إن مجرد ظهور القرينة من نفس المتعارضين أو غيرهما على مجازية أحدهما أو كليهما لا يوجب الذهاب إلى الاعتماد عليها واعمالها الا إذا لم يوجب ترجيح المرجوح فان حمل اللفظ على المجاز في الحقيقة خروج من مقتضى الدليل لدليل اخر وهو لا يصح الا إذا تساويا أو ترجح القرينة على مقتضى حقيقة اللفظ فلا بد من ملاحظة الترجيحات في مقام الارجاع أيضا كما تريهم يعتبرون ذلك في القانون الآتي وغيره أيضا ويظهر بذلك ضعف ما ذكره العضدي وغيره من لزوم الجمع بين الدليلين وان كان بارجاع الأقوى إلى الأضعف واما ظاهر كلام ابن الجمهور فنمنع ما ادعاه من الاجماع بظاهره إذ عندنا ما هو أقوى في العمل من ذلك الاجماع المنقول من دلالة العقل على قبح ترجيح المرجوح مع أن الرواية صريحة في إرادة المتناقضين اللذين لا يمكن الجمع بينهما وسؤال الراوي فيها انما هو عنهما والسبب ليس مخصصا للجواب ولا يمنع الرجوع في غير المتناقضين أيضا إلى الترجيحات قانون لا ريب في جواز تخصيص الكتاب بالكتاب ولا بالاجماع ولا بالخبر المتواتر ووجهها ظاهر واختلفوا في جوازه بخبر الواحد على أقوال ثالثها بالتفصيل فيجوز ان يخصص قبله بدليل قطعي ورابعها التفصيل أيضا بتخصيصه بما خص قبل بمنفصل قطعيا كان أو ظنيا وخامسها التوقف وقد ينسب إلى المحقق رحمه الله نظرا إلى أنه قال الدليل على العمل بخبر الواحد هو الاجماع على استعماله فيما لا يوجد عليه دلالة ومع وجود الدلالة القرآنية يسقط وجوب العمل به وهذا ليس معنى التوقف بل هو نفى للتخصيص كما لا يخفى والأظهر الجواز كما هو مذهب أكثر المحققين واحتجوا عليه بأنهما دليلان تعارضا بإعمالهما ولو من وجه أولى ولا ريب ان ذلك لا يحصل الا مع العمل بالخاص إذ لو عمل بالعام بطل الخاص ولغى بالمرة وبعدما حققنا لك سابقا يظهر ما فيه لان العام كما أنه يخرج عن حقيقته بالتخصيص بسبب كونه مجازا حينئذ و مع ذلك فنقول أنه قد عمل به فكذلك الخاص إن أريد به معنى مجازي أيضا بحيث لا يوجب ترك ظاهر العام وحقيقته فمحض كونه جمعا بين الدليلين لا يوجب القول بالتخصيص مع ما عرفت من أنه ليس جمعا بين الدليلين بل هو إلغاء لأحدهما إذ المعارضة انما هو بين ما دل عليه العام من أفراد الخاص وهو ملغى بأجمعه حينئذ فلا بد من بيان وجه التخصيص واختياره
(٣٠٨)