التفتازاني أيضا ولكن يمكن أن يكون مراده من عدم النفع هو ما ذكرنا لا ما ذكره التفتازاني فإنه قال في شرح هذا الكلام المسألة لفظية أي لغوية لا يتعلق بعلم الأصول كثير تعلق إذ المقصود تحقيق المعنى الذي وضع لفظ الصدق والكذب بإزائه ليس المراد به أنه نزاع لفظي يتعلق بالاصطلاح على ما يشعر به كلام الآمدي لأنه لا قائل بنقل اللفظين عن معناهما اللغوي انتهى وفيما ذكره تأمل إذ كون المسألة لغوية لا يوجب عدم تعلقها بعلم الأصول ولا يوجب عدم النفع بسبب كونه غير متعلق بالأصول ولا ريب ان كثيرا من المسائل الأصولية من المسائل اللغوية كالنزاع في أن صيغة إفعل للوجوب أولا وكذا صيغة لا تفعل للحرمة أم لا وان الجمع المحلى يفيد العموم أم لا وكذا المفرد المحلى وهكذا فإن قيل نعم ولكن هناك فرق وهو أن ما يبحث عنه في علم الأصول من هذه المسائل هو ما كان بمنزلة القاعدة لاستخراج المسائل الفرعية كالنزاع في الأوضاع الهيئية كصيغة إفعل والمشتق والجمع المحلى وأمثال ذلك مركبا كان أو مفردا ومثل أن الضمير المتعقب للعام هل يخصصه أم لا في مثل وبعولتهن أحق بردهن ومثل أن الضمير الذي (سبقه)؟ مضاف ومضاف إليه مثل له علي ألف درهم إلا نصفه هل يرجع إلى الأقرب أو الابعد مع إمكانهما فيتفرع عليه استثناء نصف الدرهم أو الخمس مأة وبعض الأوضاع المادية أيضا من جهة العموم و الخصوص وغيرهما كالنزاع في كلمة كل أنه للعموم أم لا وكذلك من وما وانهما لذوي العقول أو لغيرهم بل في أصل (منسبك)؟ اللفظ فيما حصل فيه تغيير الاصطلاح كالنزاع في أن الصلاة والصوم معناهما الأركان المخصوصة أم لا مما أدعي فيها ثبوت الحقيقة الشرعية وغيرها بل وكثير من القواعد المذكورة في علم العربية مثل معاني الحروف كالباء ومن وإلي وغير ذلك وبالجملة ما يتعلق معرفة حال استخراج الأحكام الشرعية بأن ينازع في أن اللفظ هل يفيد هذا الحكم أم هذا الحكم كصيغة الأمر والنهي أو هل يفيد عموم الحكم أو خصوصه و هل يفيد إخراجه عن الحكم أم لا كألفاظ العام والخاص وكذلك ما يتعلق بالموضوعات التي اخترعها الشارع فهل تصرف الشارع في أوضاع الألفاظ ليحمل على معانيها التي اصطلحها أم لا وهكذا ولا يبحث في علم الأصول عن سائر الأوضاع المادية مثل أن الصعيد هو التراب أو وجه الأرض وهل الإنفحة هو الكرش أو الشئ الأصفر الذي ينجمد فيه اللباء وهكذا ولا ريب أن الصدق والكذب من قبيل الصعيد والإنفحة لا من قبيل صيغة إفعل وأمثالها ولا من قبيل الصلاة والصوم وأمثالهما لعدم تجدد اصطلاح فيهما كما أشار إليه التفتازاني قلت نعم ولكن نرى أن الأصوليين يبحثون عن معنى الخبر والانشاء والامر والنهي وأمثالها لما يترتب عليها من الثمرات وذلك لأجل احتمال تجدد الاصطلاح أو دعوى ثبوته وتغاير العرف واللغة فيها وما كان معرفة أمثال المذكورات مما يتوقف عليه معرفة الأحكام الشرعية وطريق استنباطها
(٤١٧)