وفيه ما فيه مع أن الشيخ في العدة ذهب إلى كونه للفور ولا يقول بالتكرار نعم ذهب العلامة في التهذيب إلى عدم الفور مع عدم قوله بالتكرار ولا يلزم أن يكون ذلك للتلازم بين القولين فمن يقول بالفور مع عدم قوله بالتكرار فلعله يدعي التبادر في الفور ويقول أن العقلاء يذمون العبد المسوف لامتثال المولى في النهي وأما على ما ذكرنا من إخراج الكلام عن الاغراء بالجهل فيلزم القول بالفور أيضا قانون اختلف العلماء في جواز اجتماع الأمر والنهي في شئ واحد وموضع النزاع ما إذا كان الوحدة بالشخص لكن مع تعدد الجهة وأما الواحد بالشخص الذي لم يتعدد الجهة فيه بأن يكون مأمورا لهما من جهة واحدة فهو مما لا نزاع في عدم جوازه إلا عند بعض من يجوز التكليف بالمحال وربما منعه بعضهم تمسكا بأن هذا التكليف محال لا أنه تكليف بالمحال ولعله نظر إلى كون الامر والطلب مسبوقا بالإرادة واجتماع إرادة الفعل والترك محال وأما الواحد بالجنس فهو أيضا مما لا نزاع في جواز الاجتماع فيه بالنسبة إلى أنواعه وأفراده كالسجود لله تعالى وللشمس والقمر وإن منعه بعض المعتزلة أيضا نظرا إلى جعل الحسن و القبح من مقتضيات المهية الجنسية وهو في غاية الضعف وكما أن المخالف الأول أفرط فهذا قد فرط ثم إن القول بجواز الاجتماع هو مذهب أكثر الأشاعرة والفضل بن شاذان رحمه الله من قدمائنا وهو الظاهر من كلام السيد رحمه الله في الذريعة وذهب إليه جملة من فحول متأخرينا كمولانا المحقق الأردبيلي وسلطان العلماء والمحقق الخوانساري وولده المحقق والفاضل المدقق الشيرواني والفاضل الكاشاني والسيد الفاضل صدر الدين وأمثالهم رحمهم الله تعالى بل ويظهر من الكليني حيث نقل كلام الفضل بن شاذان في كتاب الطلاق ولم يطعن عليه رضائه بذلك بل ويظهر من كلام الفضل ان ذلك كان من مسلمات الشيعة وإنما المخالف فيه كان من العامة كما أشار إلى ذلك العلامة المجلسي رحمه الله في كتاب بحار الأنوار أيضا وانتصر هذا المذهب جماعة من أفاضل المعاصرين والقول بعدم الجواز هو المنقول عن أكثر أصحابنا والمعتزلة وهذه المسألة وإن كانت من المسائل الكلامية ولكنها لما كانت يتفرع عليها كثير من المسائل الفرعية ذكرها الأصوليون في كتبهم فنحن نقتفي أثارهم في ذلك والذي يقوى في نفسي و يترجح في نظري هو جواز الاجتماع وقد جرى ديدنهم في هذا المقام بالتمثيل بالصلاة في الدار المغصوبة فإن المفروض انها شئ واحد شخصي ومحط البحث فيها هو الكون الذي هو جزء الصلاة فهذا الكون هو شئ واحد فإنه هو الذي يحصل به الغصب ويحصل به جزء الصلاة فهذا الكون شئ واحد له جهتان فمن حيث إنه من أجزاء الصلاة مأمور به ومن حيث أنه تصرف في مال الغير وغصب منهي عنه لنا على الجواز وجوه الأول أن الحكم إنما تعلق بالطبيعة على ما أسلفنا لك تحقيقه فمتعلق الامر طبيعة الصلاة ومتعلق النهي طبيعة الغصب وقد أوجدهما المكلف بسوء اختياره في شخص واحد
(١٤٠)