القائل بكونها حقيقة في الوجوب نعم يمكن الفرق بين الصورتين الأوليين بإمكان المناقشة في الصورة الأولى بأن الدلالة على الالزام لعلة يكون من جهة أنه صدر عن العالي فلا يتم القول بالدلالة على الالزام لغة في السؤال أيضا ولا يظهر من ذلك حال الصيغة إذا صدرت عن السائل إنها حقيقة فيه أو مجاز فاستدلالهم في دلالة الصيغة على الوجوب بذم العقلاء على الترك إذا قال السيد لعبده إفعل ولم يفعل كما سيجئ ليس على ما ينبغي اللهم إلا أن يجعل النزاع في خصوص الصيغة إذا صدرت عن العالي وهو لا يلائم الجواب المذكور عن دليل القائل بالندب أيضا وأما على الصورة الثالثة فلا يرد السؤال المتقدم أصلا ولا يتمشى الجواب المتقدم قطعا كما لا يخفى والفرق بين الصورتين هو ان حصول الذم والعقاب خارج عن مدلول اللفظ في الصورة الأولى وداخل فيه في الصورة الأخيرة فلا بد أن يكون إفعل مثلا حقيقة في كل من الامر والسؤال والالتماس إذا أراد كل منهم اللزوم والحتم على الصورة الأولى وحقيقة في الامر فقط على الصورة الأخيرة فيكون استعماله في الالتماس والسؤال مجازا والذي يترجح في النظر القاصر هو الصورة الأخيرة وإن لم يساعدها تحرير محل النزاع في كلام كثير منهم واعلم أن ما ذكرناه من الصور الثلاث يجري في لفظ أم ر أيضا والكلام فيه الكلام في الصيغة بعينه ويظهر الثمرة في كون هذا اللفظ من الملتمس والسائل مجازا أو حقيقة أيضا وعليك بالتأمل فيما ذكرنا والتحفظ به فإن كلام القوم هيهنا مشوش فربما وقع الاشتباه بين المادة والصيغة وربما حصل الخلط وعدم التمييز بين الصور المتقدمة والله الهادي قانون اختلف الأصوليون في صيغة إفعل وما في معناه على أقوال المشهور بين الأصوليين أنه حقيقة في الوجوب لغة وذهب جماعة إلى أنها حقيقة في الندب وقيل بالاشتراك بينهما معنى وعلم الهدى رحمه الله بالاشتراك بينهما لفظا لغة وبكونها حقيقة في الوجوب في عرف الشارع وتوقف بعضهم في الوجوب والندب وقيل بالاشتراك بينهما والإباحة لفظا وقيل معنى وهيهنا مذاهب أخر ضعيفة والأقرب للأول للتبادر عرفا ويثبت في اللغة والشرع بضميمة أصالة عدم النقل لا يقال إنا لا نفهم من الصيغة غير طلب الفعل ولا يخطر ببالنا الترك فضلا عن المنع منه فإن معنى الوجوب غيره أمر بسيط إجمالي وهو الطلب الحتمي الخاص ولكنه ينحل عند العقل باجزاء كسائل المهيات المركبة كالانسان والفرس وغيرهما فهذا الطلب البسيط الاجمالي الخاص إذا تحلل عند العقل ينحل إلى طلب الفعل مع المنع من الترك فانظر إلى العرف ترى أن السيد إذا قال لعبده إفعل كذا فلم يفعل عد عاصيا وذمه العقلاء للترك وإن لم يكن هناك قرينة تدل على الوجوب وما يتوهم من منافاة ذلك لاستعمال الشارع إياها متعلقا بأمور كثيرة بعضها واجب وبعضها مندوب مثل قوله إغتسل للجمعة وللزيارة
(٨٣)