الصور فالأظهر هو المعنى الثاني فيحمل عليه ويكتفي بالأقل إلى أن يظهر من الخارج إرادة التعيين فإما يحمل على العموم أو ينتظر البيان إن كان له مجال ثم أن ما ذكرنا أن الحكمة تقتضي الحمل على العموم فيما يحتاج إليه إنما هو إذا لم يكن الاجمال مقتضى الحكمة وإلا فقد يكون مقتضاها الابهام إذا لم يكن وقت الحاجة إلى بيانه ولكن لما كان الأصل عدم تلك الحكمة والظاهر في أكثر الخطابات أنها وقت الحاجة فيحمل على العموم ثم أن كلام المجيب ظاهر في أن الأقل متيقن الإرادة والباقي مشكوك فيه وهذا لا يتم مطلقا فان الامر الدال على التخيير في إيجاد الطبيعة لا يبقى معه شك في عدم وجوب الأزيد من أقل الافراد فقول القائل أعط زيدا دراهم ما هو ظاهره من تعليق الحكم بالطبيعة المبهمة مطلقا لا يجعله ما باب جاء رجل من أقصى المدينة نص في أجزاء ثلاثة دراهم ولا يبقى معه شك في عدم وجوب الأزيد ثم إن الظاهر أن مراد الجبائي الحمل على الجميع من حيث أنه مجموع معانيه المشترك فيهما لفظا لا من حيث أنه هو أحد معانيها فعلى هذا يصح معنى عمومه الافرادي والجمعي كليهما فيتجه الجواب بمنع الاشتراك أولا وبمنع الظهور في الجميع ثانيا وبمنع أولوية إرادة الجميع ثالثا والقول بأن الحمل على الجميع أحوط معارض بأنه قد يكون خلافه أحوط وعلى ما ذكرنا فلا يرد ما يقال أن منع الاشتراك اللفظي لا يضر المستدل إذ يكفيه كون هذه المراتب من أفراد الحقيقة وكون هذا الفرد يشمل جميع الافراد وقد ظهر من جميع ما ذكرنا أن القول بدلالة الجميع المنكر على العموم ليس من جهة دلالة اللفظ حقيقة بل على مذهب الجبائي أيضا فإن حمله على الجميع ليس من جهة أنه أحد معانيه بل لأنه يشمل جميع المعاني فانقدح من ذلك أنه لا نزاع في عدم دلالة الجمع المنكر على العموم بجوهره بحيث يكون لو استعمل في غيره يكون مجازا فتأمل تذنيب الحق أن أقل ما يطلق عليه صيغ الجمع حقيقة ثلاثة وقال بعض العامة أنه (اثنان)؟ والقول بعدم جواز إطلاقها على الاثنين مطلقا شاذ ضعيف ولافرق في ذلك بين المكسر والسالم وضمائرهما والظاهر أنه لا نزاع في نحو نحن وإننا وجئنا لأنه موضوع للمتكلم مع الغير ولم يوضع لتثنية المتكلم لفظ لنا تبادر الزايد على الاثنين عند الاطلاق وعدم تبادر الاثنين ويؤيد ذلك وضعهم للتمييز بين التثنية والجمع علامات وإمارات مثل الألف والنون والواو والنون وغير ذلك احتجوا بقوله تعالى فإن كان له إخوة فلأمه السدس للاجماع على حجب الأخوين عما زاد عن السدس فأطلق الاخوة على الأخوين فما زاد والأصل في الاستعمال الحقيقة وفيه أن الاجماع إنما هو الدال على المطلوب لا الآية سلمنا لكنه بضم القرينة لا منفردا ومطلق الاستعمال أعم من الحقيقة وبقوله تعالى إنا معكم مستمعون والمراد موسى وهارون عليهما السلام وفيه منع الاختصاص بل هي لهما مع فرعون تغليبا مع أن الاستعمال أعم من الحقيقة كما في
(٢٢٢)