إما كلي يشمل أفراده أو كل يشمل أجزائه والعام المعهود الغالب الاستعمال في كلامهم هو المعنى الأول ولذلك ذكروا أن دلالة العموم على كل واحد من أفراده دلالة تامة ويعبرون عنه بالكلي التفصيلي والكلي العددي والافرادي وليست من باب الكل اي الهيئة الاجتماعية المعبر عنه بالكلي المجموعي ويظهر الثمرة في المنفي فلو كان الجمع المضاف في قوله تعالى ولا تقتلوا أولادكم بمعنى الكلي المجموعي فلم يدل على حرمة قتل البعض بخلاف المعنى الأول نظير ضربت العشرة وما ضربت العشرة وسيجئ أن العموم قد يستفاد من جهة المقام لاقتضاء الحكمة ذلك وهو أيضا ليس من العام المصطلح وإن ترتب عليه أحكامه المقصد الأول في صيغ العموم قانون اختلفوا في كون ما يدعى كونها موضوعا للعموم من الألفاظ موضوعا له أو مشتركا بينه وبين الخصوص أو حقيقة في الخصوص على أقوال فقيل بالتوقف ثم القائلون بثبوت الوضع للعموم اتفقوا في بعض الألفاظ و اختلفوا في الاخر فلنقدم الكلام في الخلاف في أصل الوضع فالأشهر الأظهر كونها حقيقة في العموم لنا التبادر فإن أهل العرف يفهمون من قولنا ما ضربت أحدا ومن دخل داري فله درهم ومتى جاء زيد فأكرمه ونحو ذلك العموم فلو قال السيد لعبده لا تضرب أحدا ثم ضرب العبد واحدا لاستحق بذلك عقاب المولى وللاتفاق على دلالة كلمة التوحيد عليه والاتفاق على لزوم الحنث على من حلف أن لا يضرب أحدا بضرب واحد وإن من ادعى ضرب رجل لو أردت تكذيبه قلت ما ضربت أحدا فلولا أنه سلب كلي لما ناقض الجزئية فإن سلب الجزئي لا يناقض الايجاب الجزئي و لقصة ابن الزبعري فإنه لما سمع قوله تعالى إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم قال لأخصمن محمدا صلى الله عليه وآله ثم جائه عليه السلام وقال يا محمد صلى الله عليه وآله أليس عبد موسى وعيسى والملائكة ففهمه دليل العموم لأنه من أهل اللسان وأدل من ذلك جوابه صلى الله عليه وآله حيث قال ما أجهلك بلسان قومك أما علمت أن ما لما لا يعقل فلم ينكر العموم وقرره وأما استعمال كلمة ما في ذوي العقول أو أعلى منهم كما في قوله تعالى والسماء وما بناها فإنما هو خروج عن الحقيقة لنكتة وفي رواية أخرى أجاب عليه السلام بأن المراد (عتاد)؟ الشياطين التي أمرتهم بعبادة هؤلاء فنزل قوله تعالى الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون حجة القائلين بأنها حقيقة في الخصوص وجهان الأول أن الخصوص متيقن المراد من هذه الألفاظ حيث استعملت سواء أريد منها الخصوص فقط أو في ضمن العموم بخلاف العموم فإنه مشكوك الإرادة وما كان الوضع مسلما للخصم ولا بد له من مرجح فالأولى أن يقول أنه موضوع للمتيقن المراد فإنه أوفق بحكمة الواضع حيث أن غرضه من الوضع
(١٩٣)