دون ذلك وأما ما أورد عليه من الشكوك ومنع العلم إذ لعله غشي عليه فأفاق أو مات وله آخر له فجأة وأعتقده المخبر أنه المشرف على الموت ففيه أنها إحتمالات عقلية لا تنافي العلوم العادية مع أنا نفرض الواقعة بحيث لا يبقى هذه الاحتمالات وكذلك ما قيل أن ذلك العلم لعله من جهة القرائن من دون مدخلية الخبر كالعلم بخجل الخجل ووجل الوجل وارتضاع الطفل اللبن من الثدي ونحوها فإن القرينة قد تستقل بإفادة العلم مدفوع بأنه حصل بالخبر بضميمة القرائن إذ لولا الخبر لجوز موت شخص آخر والحق أن إمكان حصول العلم بديهي لا يقبل التشكيك واحتج المنكرون بالوجوه الثلاثة المتقدمة والجواب عنها يظهر ما ذكرنا ثمة فلا نعيدها ثم إن بعضهم ذكر أن الخبر المحفوف بالقرائن القطعية لم يقع في الشرعيات أقول إمكان حصوله للحاضرين المستمعين من الصحابة والتابعين والمقاربين عهد الأئمة عليهم السلام مما لا يمكن إنكاره وكذلك المحفوف بالقرائن الداخلة وأما في أمثال زماننا فلم نقف عليه في اخبارنا وما ذكره بعض أصحابنا كالشيخ رحمه الله في أول استبصاره من القرائن المفيدة للقطع مثل موافقة الكتاب والسنة والاجماع والعقل فهو ليس مما يفيد القطع إذ غاية الامر موافقة الخبر لاحد المذكورات وهو لا يفيد قطعية صدوره ولا دلالته ولا فرض كون مضمونه قطعيا بسبب أخذ من تلك القرائن فهو الخبر المقرون بالقرينة الدالة على صحة مضمون الخبر لا صحة نفس الخبر وموضوع المسألة إنما هو الثاني لا الأول فاخبارنا اليوم كلها ظنية إلا ما ندر ومخالفة الأخباريين في ذلك ودعواهم قطعيتها مما لا يصغى إليه ولعلنا نتكلم في ذلك بعض الكلام في باب الاجتهاد والتقليد قانون اختلفوا في حجية الخبر الواحد العاري عن القرائن المفيدة للعلم بصدق نفسه وبصدق مضمونه وإن كان نصا في الدلالة فإنما قيدنا بذلك لأنه قد يكون مضمونه قطعيا باعتبار موافقته لدليل قطعي ولم يتعرضوا هنا للخلاف فيه لعدم فائدة مهمة في الخلاف من حيث حجيته في نفسه مع ثبوت قطعية مضمونه وقد يكون هو بنفسه قطعيا لكن يكون مضمونه ظنيا باعتبار كون دلالته ظاهرا لا نصا وخلافهم في هذا المقام أيضا ليس فيه بل النزاع في جواز العمل به هو النزاع في جواز العمل بالظن مطلقا و أما الخبر الذي كان صدقه قطعيا بنفسه وبمضمونه فخروجه عن البحث ظاهر فانحصر البحث فيما لم يحصل العلم به من حيث السند والمضمون معا والحق أنه يجوز التعبد به عقلا أي لا يلزم من تجويز العمل به محال أو قبيح بلا خلاف فيه من أصحابنا إلا ما نقل عن ابن قبة وتبعه جماعة من الناس تمسكا بأنه يؤدي إلى تحليل الحرام وتحريم الحلال وأنه لو جاز التعبد به في الاخبار عن المعصوم عليه السلام لجاز عن الله تعالى أيضا لجامع كون المخبر عادلا في الصورتين وفيه ما فيه ويمكن توجيه الاستدلال الأول بأن للمحرمات
(٤٣٢)