كل واحد كان إسقاطه عن الباقين رفعا للطلب بعد تحققه فيكون نسخا فيفتقر إلى خطاب جديد ولا خطاب فلا نسخ فلا يسقط بخلاف الايجاب على الجميع من حيث هو فإنه لا يستلزم الايجاب على كل واحد ويكون التأثيم للجميع بالذات ولكل واحد بالعرض وأجيب بأن سقوط الامر قبل الأداء قد يكون بغير النسخ كانتفاء علة الوجوب كاحترام الميت مثلا فإنه يحصل بفعل البعض ولهذا ينسب السقوط إلى فعل البعض وبأن الوجوب لو لم يتعلق بكل واحد فكيف ينوي كل واحد منهم الوجوب وحجة الآخرين وجوه الأول أن الوجوب لو كان على الكل لما سقط بفعل البعض وفيه أنه استبعاد محض ومثله يجري في الواجبات العينية أيضا كإسقاط دين رجل بأداء متبرع عنه الثاني كما أنه يجوز الامر بواحد مبهم اتفاقا يجوز الامر ببعض مبهم فإن ما يحصل مانعا هو الابهام وقد لغى وقد يسقط بفعل أي بعض كان فيكون واجبا على بعض مبهم وفيه أنه قياس مع الفارق لأنكم تقولون بتأثيم الكل على ترك ذلك البعض المبهم فيما نحن فيه بخلاف الامر بواحد مبهم فإن التأثيم ليس إلا على ترك الواحد بل التأثيم للكل حين ترك الكل دليل على الوجوب على الكل ولا معنى لعقاب شخص عن شخص آخر فثمرة النزاع إذا إنما هو في اتصاف كل واحد منها بالوجوب وعدمه إذا صدر عن الكل ويتفرع عليه ثمراته الثالث قوله تعالى ولولا نفر من كل فرقة الآية فإن التنديم والتهديد على طائفة منكرة مبهمة وأجيب بان المراد بيان ما يسقط الوجوب جمعا بين الأدلة مع أن اشتغال الجميع يوجب اختلال النظام والعسر والحرج وكما أن الشروع واجب فالاتمام أيضا واجب فالسقوط إنما هو بعد التفقه ثم أن الواجب الكفائي لا يسقط إلا مع حصول العلم بفعل الاخر وهو يعتبر الظن الشرعي مثل شهادة العدلين ونحوها فيه قولان الأقرب الاعتبار والظاهر أن مجرد العلم بحصول الفعل من مسلم يكون كافيا حملا لفعله على الصحة بمقتضى الأدلة القاطعة فلا يعتبر العدالة وتمام هذا الكلام في الفروع قانون اختلفوا في أن الامر المعلق بالكلي ظاهرا هل المطلوب به هو الماهية أو الجزئي المطابق للماهية الممكن الحصول وصرح بعضهم بوصفه بالحقيقي أيضا لأنه هو الموجود في الأعيان والأقرب الأول للتبادر عرفا ولأن الأوامر مأخوذة من المصادر الخالية عن اللام و التنوين وهي حقيقة في المهية لا بشرط شئ ونقل فيه السكاكي إجماع أهل العربية ولا يفيد الهيئة إلا طلب ذلك الحدث مع أن الأصل عدم الزيادة والظاهر أن من يدعي أن المطلوب هو الفرد أيضا لا ينكر ذلك بحسب اللفظ والعرف واللغة ولكنه يدعي ذلك بثبوت القرينة على خلافه من جهة العقل فقد تريهم لا ينكرون ذلك في شئ من الموارد مثل أنهم يقولون في مبحث إفادة
(١٢١)