ولعدم انحصار الانذار في الخطاب كما مر وكذلك بقوله صلى الله عليه وآله فليبلغ الشاهد الغائب بل هو على خلاف مراده أدل وهيهنا كلمات واهية واستدلالات سخيفة أخر لا تليق بالذكر منها الاستدلال بقول المصنفين في كتبهم أعلم وتدبر وتأمل ولا ريب أنه مجاز أريد به الايصاء بل هو نصب علامة علامة للاغلاق والاشكال كنصب الأميال للفراسخ وقد يقال أن تلك الخطابات مختصة بالحاضرين ولكن قام الكتاب والمبلغون واحدا بعد واحد مقام المتكلم بها فلم يخاطب بها إلا الموجود الحاضر فكان الكتابة نداء مستمرا من ابتداء صدور الخطاب إلى انتهاء التكليف والسر فيه أن المكتوب إليه ينتقل من الوجود الكتبي إلى الوجود اللفظي ومنه إلى المعنى فمن حيث هو قار متكلم ومن حيث أنه من المقصودين بالخطاب مستمع ومخاطب وفيه أن ذلك مجرد دعوى لا دليل عليها ولا يستلزم ما ذكره كون الخطاب من الله تعالى في كل زمان بالنسبة إلى أهله وكما أن في زمان الحضور لا يجوز المخاطبة بتلك الألفاظ مع المعدومين لانتفاء أحد المنتسبين فكذلك في الأزمنة المتأخرة لا يتحقق المخاطبة عن الله تعالى لانقطاعه وامتداده بحسب الأزمان أول الدعوى فلم يبق إلا بتبليغ نفس الحكم وهو مسلم قوله فمن حيث هو قار متكلم نعم متكلم لكنه حاك للخطاب المتقدم لا أنه مخاطب بكسر الطاء تنبيهان الأول قيل بشمول الخطابات المذكورة للمكلفين الموجودين وإن كانوا غائبين عن مجلس الوحي لان الخطاب عن الله تعالى ولا يتفاوت بتفاوت الأمكنة ويظهر من بعضهم عدم الشمول ولعله ناظر إلى تفاوت أحوال الحاضرين والغائبين وكيفية فهم الخطاب فإن قوله تعالى وإذا قرء القرآن فاستمعوا له وأنصتوا مثلا قد فسر في الأخبار الصحيحة بالقراءة خلف الامام فلعل في مجلس الوحي كان قرينة لإرادة ذلك كان خافية عن الغائبين فمخاطبتهم بذلك مع إرادة الخاص قبيح فلا بد من القول بتشريكهم معهم بدليل آخر مثل الاجماع وغيره وليس ببعيد وعلى أي تقدير فيختص بالمكلفين فلا يشمل من بلغ حد التكليف بعد زمن الخطاب وإن كان موجودا حينئذ ويظهر الوجه مما تقدم الثاني الصيغ المفردة مثل إفعل وافعلي وأمثال ذلك لا تشمل بصيغتها غير المخاطب بها وإنما المشاركة بالدليل الخارج وهو الاجماع على الاشتراك وكذلك خطاب الرجل لا يشمل المرأة ولا بالعكس ولكن الاجماع على الاشتراك أثبت الاشتراك في غير ما يختص بأحدهما يقينا كأحكام الحيض والنفاس ونحوهما بالمرأة وأحكام غيبوبة الحشفة وما يتعلق بالخصيان ونحوهما بالرجال وأما الاحكام المختلف فيها فقيل بأن الأصل فيها الاشتراك إلا ما أخرجه الدليل وقيل بالعكس والأول أظهر فإثبات الجهر في الصلاة الجهرية إنما ثبت اختصاصه بالرجل بسبب الدليل وكذلك استحباب وضع اليدين على الفخذين فوق الركبتين حال
(٢٤٠)