ان كتب القراءة والتفاسير مشحونة بقولهم قرء حفص كذا وعاصم كذا وفي قرائة علي بن أبي طالب وأهل البيت عليهم الصلاة والسلام كذا بل ربما قالوا في قرائة رسول الله صلى الله عليه وآله كذا كما يظهر من الاختلافات المذكورة في قرائة غير المغضوب عليهم ولا الضالين والحاصل أنهم يجعلون قرائة القراء قسيمة لقرائة المعصومين عليهم السلام فكيف يكون القراءات السبع متواترة من الشارع انتهى ما ذكره أقول ويمكن أن يقال أن الراويين كانا يرويان القراءة عن شيخهم بمعنى أن شيخهم كان يقرء كذا يعني أن الشيخ كان يختار هذه القراءة من جملة القراءات المتواترة فتخصيص الراويين بالنقل إنما هو لأجل إسناد الاختيار و الترجيح لا رواية أصل القراءة حتى يستند في منع حصول التواتر بذلك وذلك لا ينافي مخالفتهم للمعصومين عليهم السلام أيضا لأنهم عليهم السلام كانوا يختارون ما نقل عنهم وقد يؤيد عدم تواتر السبع أيضا باختلاف القراء في ترك البسملة فقد نقل متواتر عن قرائة كثير منهم ترك البسملة مع أن الأصحاب مجمعون على بطلان الصلاة بتركها فكيف يحكمون ببطلان المتواتر عن النبي صلى الله عليه وآله وفيه تأمل وأما على ما بنينا عليه من كون ذلك تجويزا عن الأئمة عليهم السلام فيصح الجواب باستثناء ذلك كما ورد في الأخبار المستفيضة من كون البسملة جزء وانعقد إجماعهم عليه ثم إن الشهيد الثاني رحمه الله قال في شرح الألفية واعلم أنه ليس المراد ان كل ما ورد من هذه القراءات متواتر بل المراد انحصار المتواتر الآن فيما نقل من هذه القراءات فإن بعض ما نقل عن السبعة شاذ فضلا عن غيرهم كما حققه جماعة من أهل هذا الشأن والمعتبر القراءة بما تواتر من هذه القراءات وإن ركب بعضها في بعض ما لم يترتب بعضه على بعض آخر بحسب العربية فيجب مراعاته كتلقي آدم من ربه كلمات فتاب فإنه لا يجوز الرفع فيهما ولا النصف وإن كان كل منهما متواترا بان يؤخذ رفع آدم من غير قرائة ابن كثير ورفع كلمات من قرائته فإن ذلك لا يصح لفساد المعنى ونحوه كفلها زكريا بالتشديد مع الرفع أو بالعكس وقد نقل ابن الجوزي في النشر عن أكثر القراء جواز ذلك أيضا واختار ما ذكرناه وأما اتباع قرائة الواحد من العشرة في جميع السور فغير واجب قطعا بل ولا مستحب فإن الكل من عند الله نزل به الروح الأمين على قلب سيد المرسلين تخفيفا عن لامة و تهوينا على أهل الملة وانحصار القراءات فيما ذكر أمر حادث غير معروف في الزمن السابق بل كثير من الفضلاء أنكر ذلك خوفا من التباس الامر وتوهم أن المراد بالسبعة هي الحرف التي ورد في النقل أن القرآن أنزل عليها والامر ليس كذلك فالواجب القراءة بما تواتر انتهى قوله رحمه الله وانحصار القراءات اه متشابه المقصود والأظهر أنه ابتداء تحقيق يعني انها في الصدر الأول لم تكن منحصرة في السبع والعشر بل كانت أزيد من ذلك وأنكر كثير منهم ذلك حتى لا يتوهم أن المرخص فيه في الصدر
(٤٠٨)