الاستتباع من جهة الامر الأول وهو ممنوع وقد يوجه بأن المراد ان مقتضى الشئ لا يتخلف عنه فالتخلف عنه شاهد على عدم الاقتضاء وفيه أيضا ما لا يخفى إذ التخلف لعله من جهة دليل آخر فهو مقتض إلا أن يمنع مانع وقد يستدل أيضا بلزوم كون القضاء أداء ومساويا للأول لو كان بالامر الأول فلا يعصي بالتأخير وفيه أن الخصم يدعي الترتيب لا التخيير والتسوية احتجوا بوجوه الأول أن الزمان ظرف من ظروف المأمور به غير داخل فيه فلا يؤثر اختلاله في سقوطه ويعلم جوابه مما سبق مع أنه لو لم يكن له مدخلية لجاز تقديمه عليه أيضا فتأمل الثاني أن الوقت كأجل الدين فكما يجب أدائه بعد انقضاء الأجل فكذا المأمور به إذا لم يؤد في الوقت وفيه أنه قياس مع الفارق إذ وجوب أداء الدين توصلي والمصلحة المطلوبة باقية وهي براءة الذمة وإيصال الحق إلى صاحبه بخلاف العبادات فإن المصالح فيها مخفية ولعل للوقت مدخلية في حصول مصلحتها وبالجملة العبادات توقيفية لا يجوز التجاوز فيها عن التوظيف بخلاف المعاملات وسيجئ تحقيقه الثالث لو وجب بأمر جديد لكان أداء لأنه أمر بالفعل لا بعد الوقت فيكون مأتيا به في وقته وجوابه أن الأداء ما لا يكون استدراكا لمصلحة فائتة وما نحن فيه استدراك للمصلحة الفائتة قانون الأظهر أن الامر بالامر أمر فإذا قال القائل لغيره مر فلانا أن يفعل كذل أو قل له أن يفعل كذا فهذا أمر بالثالث مثل أن يقول ليفعل فلان كذا لفهم العرف و التبادر واحتمال أن يكون المراد أوجب عليه من قبل نفسك بعيد مرجوح وإن كان ما ذكرنا مستلزما للاضمار وهو من قبلي ويؤيده إنا مأمورون بأوامر الرسول صلى الله عليه وآله عن الله تعالى بل إذا اطلع الثالث على الامر قبل أن يبلغه الثاني ولم يفعل واطلع الآمر على ذلك فيصح أن يعاقبه على الترك وأن يذمه العقلاء على ذلك احتجوا بقوله صلى الله عليه وآله مروهم بالصلاة وهم أبناء سبع فإنه لا وجوب على الصبيان إجماعا وبأن القائل لو قال لغيره مر عبدك بأن يتجر لم يتعد ولم قال لذلك العبد لا تتجر لم يناقض كلامه الأول والجواب عن الأول أن الاجماع أوجب الخروج عن الظاهر وعن الثاني أن القرينة دالة على أنه للارشاد ولذلك نقول باستحباب عبادة الصبي ونضعف كونها محض التمرين ومن فروع المسألة ما لو قال زيد لعمرو مر بكرا بأن يبيع هذا الفرس فهل لبكر قبل أن يأمره عمرو أن يتصرف فيه أم لا وهل يصح بيعه أم لا وأما الآمر بالعلم بالشئ فهل يستلزم حصول ذلك الشئ في تلك الحالة أم لا الأظهر لا فإن الامر طلب ماهية في المستقبل فقد يوجد وقد لا يوجد فقول القائل اعلم إني طلقت زوجتي لا يوجب الاقرار بالطلاق بالنظر إلى القاعدة ولكن المتفاهم في العرف في مثله الاقرار وإن لم يتم على تلك القاعدة فافهم المقصد الثاني في النواهي قانون النهي هو طلب ترك الفعل
(١٣٥)