ولذلك يبحث عنها في علم الأصول فكذلك ما يتوقف معرفة المذكورات عليها فإذا كان لفظ يستعمل في تعريف المذكورات وكان مختلفا فيه في اللغة فلا يتم معرفة المذكورات إلا بتحقيق معنى ذلك اللفظ فلفظ الصدق والكذب مما يتوقف عليه معرفة الخبر ولا يتم البحث عن حال الخبر ولا يتميز حقيقته إلا بمعرفتهما فليس حالهما مثل حال الصعيد والإنفحة فالتحقيق أن البحث في هذين اللفظين من هذه الجهة لا من حيث دعوى تغيير الاصطلاح كما نقل عن الآمدي ولا أنه محض الكلام في المعنى اللغوي حتى لا يكون له تعلق بمباحث الأصول فبقي الكلام في أن البحث في تفسير اللفظين والخلاف في معناهما هل هو نزاع لفظي بالمعنى المشهور أو نزاع حقيقي وقد عرفت الوجه وإن الظاهر أنه ليس بلفظي لكن لا ثمرة فيه يعتد بها ثم إن كلام العضدي لما كان في آخر المبحث قابلا لما ذكرنا لأنه ذكر المذاهب الثلاثة ثم قال والذي يحسم النزاع الاجماع على أن اليهودي إذا قال الاسلام حق حكمنا بصدقه وإذا قال خلافه حكمنا بكذبه وهذه المسألة لفظية لا يجدي الاطناب فيها كثير نفع فيمكن تنزيل ما ذكره من كون المسألة لفظية إلى ما ذكرنا وأما كلام غيره فلا يمكن تنزيله على ذلك بل مرادهم أن النزاع في ثبوت الواسطة لفظي منهم السيد عميد الدين في شرح التهذيب بل هو الظاهر من ابن الحاجب حيث عقد المسألة لبيان حصر الخبر في القسمين ونقل القول بالواسطة عن الجاحظ وقال في آخر كلامه وهي لفظية ومرجع الضمير المسألة المعقودة ونقله الفاضل الجواد في شرح الزبدة أيضا و تنظر فيه قال بعد نقل قول الجاحظ بإثبات الواسطة ورده واعلم أن النزاع هذه المسألة كاللفظي فإنا نقطع إن كل خبر فاما مطابق للمخبر عنه أو لا فإن اكتفى في الصدق بالمطابقة كيف كان والكذب بعدم المطابقة كيف كان وجب القطع بأنه لا واسطة وإن اعتبر العلم بالمطابقة أيضا في الصدق والعلم بالعدم في الكذب يثبت الواسطة بالضرورة وهو الخبر الذي لا يعلم فيه المطابقة كذا قيل وفيه نظر يعلم وجهه بأدنى ملاحظة انتهى أقول وجه النظر ان النزاع في إثبات الواسطة بعينه هو النزاع في معنى الصدق والكذب وليس شيئا على حدة حتى يتفرع عليه ويصير النزاع لفظيا فلذلك عدل العضدي عما هو ظاهر عبارة ابن الحاجب وفسر اللفظي بما هو خلاف المشهور وقال أنه ليس فبها كثير نفع إذ النزاع اللفظي المصطلح لا نفع فيه أصلا لا أنه قليل النفع فأخذ بمجامع المسألة وتوابعها ولوازمها ونظر إلى مآل المنازعات وجعله نفس الخلاف في معنى الصدق والكذب وقال أنه خلاف لغوي قليل الفايدة فقوله لا يجدي الاطناب فيها كثير نفع صفة تقييدية لا توضيحية و لو كان الفروع التي ذكرها شيخنا البهائي رحمه الله كما ذكره لكان فيه نفع كثير فتأمل في أطراف هذا الكلام
(٤١٨)