عرفا فمثل تفاوت القراءة بسبب طلاقة اللسان وعدمها في التكلم ومثل تطويل الغسل في كل واحد من أعضاء الوضوء وتعجيلها بحيث يتفاوت في المصداق العرفي غالبا لا يعتد بها لاقتضاء العرف ذلك وعدم انضباط ذلك تحت حد محدود لا يتجاوز عنه فالتكليف به تكليف بما لا يطاق وأما التفاوت الفاحش الخارج عن حد متعارف الأوساط فالظاهر اعتباره فيشكل الاكتفاء بوضوء يغسل كل واحد من أعضائه في ظرف ساعة مثلا وأما ما يشك في دخوله في البيان وعدمه مثل التوالي بين الأعضاء في الوضوء بحيث إذا فرغ من عضو شرع في الاخر بلا فصل وكذلك غسل الوجه من الأعلى وكذلك اليد وكذلك المسح من الأعلى فإن ذلك كله مما يشك في دخوله لان الغسل العرفي للأعضاء يصدق مع الفصل وعلى أي وجه اتفق لكن اختيار هذا الفرد من الماهية هنا مما يشك في أنه هل هو بمجرد الاتفاق لأنه فرد من ماهية الغسل أو أنه معتبر وكذلك الكلام فيما لو علم اشتمال المجمل على واجبات ومندوبات وحصل الشك في بعضها أنه من الواجبات أو المندوبات كالسورة في الصلاة ففيه الاشكال المتقدم في أوائل الكتاب من أنه يمكن الاعتماد على الأصل ونفي الجزئية والوجوب بأصالة عدمهما أم لا وقد بينا أن التحقيق إمكان جريان الأصل في مهية العبادات كنفس الأحكام الشرعية وأنه لا فرق بينهما فاعتبار المذكورات في الماهية موقوف على ثبوتها من دليل خارجي ومما حققنا لك في القانون السابق يظهر أن الأقوى في أمثال المذكورات والبناء على الاستحباب لدخوله في الفعل الذي لم يعلم وجهه وقد عرفت أن التحقيق فيها الاستحباب لحسن التأسي والاحتياط وأما الوجوب فلا دليل عليه وما يتوهم من أن اشتغال الذمة بالمجمل يقيني وتحصيل البراءة اليقينية واجبة فيحكم بالوجوب فقد عرفت جوابه في أول الكتاب وإن الاشتغال بأزيد مما يقتضيه ظن المجتهد فيما لا يمكن تحصيل العلم به بشخصه ممنوع ولا دليل على وجوب الاحتياط ومن ذلك يظهر أن مقتضى ما ذكره الشهيد من حمل الافعال المتردد في كونها من أفعال الجبلة والعادة أو الشرع والعبادة على الشرعي هو الحمل على الاستحباب لا غير لعدم الدليل على ما فوقه قانون تصرف المعصوم عليه الصلاة و السلام إما بالإمامة كالجهاد والتصرف في بيت المال أو بالقضاء كرفع النزاع بين الخصمين بالبينة أو اليمين أو الاقرار أو علمه أو بالفتوى والتبليغ وتصرفاته في العبادات كلها من باب التبليغ وفي غيرها قد يشتبه بين القضاء والفتوى كقوله صلى الله عليه وآله لهند زوجة أبي سفيان خذي لك ولولدك ما يكفيك بالمعروف حيث شكت إليه صلى الله عليه وآله وقالت إن أبا سفيان رجل شحيح لا يعطيني
(٤٩٣)