موصوفون بالكذب عند أنفسهم وفي اعتقادهم وبالنظر إلى ملاحظة مخالفته لمعتقدهم لا أنه كذب عند غيرهم أيضا ممن لم يعتقد ذلك وإلا فيلزم أن ينحصر اتصاف الخبر بكونه صدقا أو كذبا بالنظر إلى ملاحظة حال المخبر فقط ولم يكن بالذات متصفا بصدق ولا كذب فتأمل حتى لا تتوهم أن ما ذكرناه هو ما ذكروه في الجواب عن الاستدلال بالآية بعد تسليم رجوع الكذب إلى قولهم إنك لرسول الله صلى الله عليه وآله بأن المراد أنهم لكاذبون في زعمهم فإنه معنى آخر وحاصله أنهم يزعمون ويعتقدون أن هذا كذب لمخالفته للواقع لا أنهم كاذبون لأجل مخالفته لمعتقدهم والحاصل أن مذهب النظام لا بد أن يكون أن الصدق والكذب هما مطابقة الخبر لاعتقاد من يطلع على الخبر ويلاحظه سواء كان نفس المخبر أو غيره والاستدلال بالآية بتقريب أن الله تعالى أطلق الكذب على مثل ذلك فإن ما شهدوا به كذب لكونه مخالفا مخالفا لاعتقادهم والجواب عنه منع رجوع قوله تعالى لكاذبون إلى هذا الخبر أولا ومنع كونه لأجل مخالفته لمعتقدهم من حيث أنه مخالف لمعتقدهم بل لأجل أنه مخالف للواقع بحسب معتقدهم من حيث أنه مخالف للواقع في معتقدهم ثانيا ومن جميع ما ذكرنا يظهر جواب آخر عن استدلال النظام غير ما ذكرنا سابقا وهو أن ذلك حينئذ تقييد لاطلاق الآية وخلاف ظاهرها فلا بد من حملها على أحد الوجوه المتقدمة لئلا يلزم ذلك وإن كان ولا بد من التقييد فتقيده بما ذكروه في جوابه على النهج الذي قررناه هيهنا ثم بالتأمل فيما ذكرنا تقدر على معرفة بطلان سائر الفروع التي ذكرها رحمه الله ووافقه الشهيد الثاني رحمه الله في تمهيد القواعد في ذكر الفرع الأخير لكنه رحمه الله لم ينقل فيه مذهب النظام بل اكتفى بنقل مذهب المشهور ومذهب الجاحظ كالعلامة في التهذيب ثم قال إذا عرفت ذلك فمن فروع القاعدة ما لو قال إن شهد شاهدان بأن علي كذا فهما صادقان فإنه يلزمه الآن على القولين معا لأنا قررنا أن الصدق هو المطابق للواقع وإذا كان مطابقا على تقدير الشهادة لزم أن يكون ذلك عليه لأنه يصدق كلما لم يكن ذلك عليه على تقدير الشهادة لم يكونا صادقين لكنه قد حكم بصدقهما على تقديرها فيكون ذلك عليه الآن ومثله ما لو قال إن شهد شاهد علي إلخ أقول إن أراد أنه يثبت الحق على المذهبين دون مذهب النظام ففيه ما مر بل هيهنا أوضح لظهور أن مراد القائل ليس مجرد ان ما يخبره الشاهد هو مطابق لاعتقاده فقط وإن هذا الاحتمال في غاية البعد من هذا الاطلاق في هذا المثال وإن كان القائل على مذهب النظام أيضا وإن أراد نفس تفريع المسألة على معنى الصدق على المذهبين ففيه نظر آخر لا دخل له بما نحن فيه وهو منع استلزام ذلك ثبوت الحق بل الحق خلافه وفاقا للمتأخرين وتفصيله في كتب الفروع ثم إن العضدي قال في آخر كلامه وهذه المسألة لفظية لا يجدي الاطناب فيها كثير نفع والظاهر أنه أراد من كون المسألة لفظية هو كون الخلاف في تفسير اللفظ لا المعنى المشهور للنزاع اللفظي كما يظهر من
(٤١٦)