فعلم أن المقتضي لصحة اللواحق وقبولها مع الاتصال، إنما هو نص الواضع على أن لمريد العدول عن الظاهر أن يأتي بدليله، في حال تشاغله بالكلام، حيث شاء منه، فما لم يقع الفراغ منه، لا يتجه للسامع الحكم بإرادة الحقيقة، لبقاء مجال الاحتمال.
نعم لما كان الغرض قد يتعلق بتخصيص الأخيرة فقط، كما يتعلق بتخصيص الجميع بطريق الاختصار، واللفظ صالح بحسب وضعه لكل من الامرين، لم يحصل الجزم بالعود إلى الكل إلا بالقرينة، وكان تعلقه بالأخيرة متحققا، للزومه على كل التقديرين، وصح التمسك في انتفاء التعلق بالباقي بالأصل إلى أن يعلم (1) الناقل عنه. وليس هذا من القول بالاختصاص بالأخيرة في شئ.
وإن قدر عروض اشتباه فيه عليك، فاستوضحه بالتدبر في صيغة الامر، فإنها - على القول باشتراكها بين الوجوب والندب إذا وردت مجردة عن القرائن تدل على الندب، وذلك لان اقتضاءها كون الفعل راجحا أمر (2) متيقن، وما زاد عليه مشكوك فيه، فيتمسك في نفيه بالأصل، لكونه زيادة في التكليف. غير أنه إذا قامت القرينة على إرادته، كان استعمال اللفظ فيه واقعا في محله، غير منتقل به عنه (3) إلى غيره، كما يقوله من ذهب إلى كونه حقيقة في الندب فقط.
وهذا مما يفرق به (4) بين القولين، حيث إن الاحتياج إلى القرينة بحسب الحقيقة على القول بالاشتراك، إنما هو في الحمل على الوجوب. وهكذا الحال عند من يقول بأنها حقيقة في الندب.
وعد بعض الأصولين القول بالاشتراك في فرق الوقف إنما هو بالنظر إلى نفس اللفظ. حيث لا يقطعون على إرادة (5) الندب بخصوصه منه. وذلك لا ينافي الدلالة عليه بالاعتبار الذي ذكرناه.