أصل وما عرى من خبر الواحد عن القرائن المفيدة للعلم يجوز التعبد به عقلا. ولا نعرف في ذلك من الأصحاب مخالفا، سوى ما حكاه المحقق - رحمه الله - عن (1) ابن قبة (2)، ويعزى (3) إلى جماعة من أهل الخلاف. وكيف كان فهو بالاعراض عنه حقيق. وهل هو واقع أولا؟ خلاف بين الأصحاب، فذهب جمع من المتقدمين.
كالسيد المرتضى، وأبي المكارم بن (4) زهرة، وابن البراج، وابن إدريس إلى الثاني، وصار جمهور المتأخرين إلى الأول. وهو الأقرب.
وله وجوه من الأدلة: (5) الأول: قوله تعالى: " فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة، ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم، لعلهم يحذرون " (6). دلت هذه الآية على وجوب الحذر على القوم عند إنذار الطوائف لهم. وهو يتحقق بإنذار كل واحد من الطوائف واحدا من القوم حيث أسند الانذار إلى ضمير الجمع العائد على الطوائف وعلقه باسم الجمع - أعني: القوم - ففي كليهما أريد المجموع. ومن البين تحقق هذا المعنى مع التوزيع (7) بحيث يختص بكل بعض (8) من القوم بعض من الطوائف، قل أو كثر، ولو كان بلوغ التواتر شرطا لقيل: " ولينذروا كل واحد من قومهم " أو " ولينذر البعض الذي يحصل به التواتر كل واحد من القوم " أو ما يؤدي هذا المعنى. فوجوب الحذر عليهم بالانذار الواقع على الوجه الذي ذكرناه دليل على وجوب العمل بخبر الواحد.
فان قيل: من أين علم وجوب الحذر، وليس في الآية ما يدل عليه؟ فان