أصل قال السيد المرتضى (1) - رضي الله عنه - وجماعة منهم العلامة في أحد قوليه (2):
" إن النهي كالأمر في عدم الدلالة على التكرار، بل هو محتمل له وللمرة ". وقال قوم: بافادته الدوام والتكرار، وهو القول الثاني للعلامة، رحمه الله، اختاره (3) في النهاية (4)، ناقلا له عن الأكثر وإليه أذهب.
لنا: أن النهي يقتضى منع المكلف من إدخال ماهية الفعل وحقيقته في الوجود، وهو إنما يتحقق بالامتناع من إدخال كل فرد من أفرادها فيه، إذا مع إدخال فرد منها يصدق إدخال تلك الماهية في الوجود، لصدقها به، ولهذا إذا نهى السيد عبده عن فعل، فانتهى مدة كان يمكنه إيقاع الفعل فيها ثم فعل، عد في العرف عاصيا مخالفا لسيده، وحسن منه عقابه، وكان عند العقلاء مذموما بحيث لو اعتذر بذهاب المدة التي يمكنه الفعل فيها وهو تارك، وليس نهي السيد بمتناول غيرها، لم يقبل ذلك منه، وبقي الذم بحاله. وهذا مما يشهد به الوجدان.
احتجوا: بأنه لو كان للدوام، لما انفك عنه، وقد انفك. فان الحائض نهيت عن الصلاة والصوم، ولا دوام. وبأنه ورد للتكرار، كقوله تعالى: " ولا تقربوا الزنا " (5) وبخلافه، كقول الطبيب: " لا تشرب اللبن "، " ولا تأكل اللحم ".
والاشتراك والمجاز خلاف الأصل، فيكون حقيقة في القدر المشترك. وبأنه يصح تقييده بالدوام ونقيضه، من غير تكرار ولا نقض، فيكون للمشترك.
والجواب عن الأول: أن كلامنا في النهي المطلق. وذلك مختص بوقت الحيض، لأنه مقيد به، فلا يتناول غيره. ألا ترى (6) أنه عام لجميع أوقات الحيض.