في العمل، إذا كان مقتضاهما واحدا، " كأعطاني وأكرمني الأمير " و " أعطيت وأكرمت الأمير ". فالفعلان في المثالين مشتركان في رفع الفاعل ونصب المفعول، من غير تنازع.
ووافقه على ذلك بعض محققي المتأخرين، مستدلا عليه بأصالة الجواز، و انتفاء المانع سوى توهم توارد المؤثرين على اثر واحد. وهو مدفوع: بأن العامل عندهم كالعلامة، ويجوز تعدد العلامات. قال: ويدل على جوازه، من حيث اللغة: أنهم يخبرون عن الشئ الواحد بأمرين متضادين، نحو " هذا حلو حامض "، ولا يجوز خلوهما عن الضمير اتفاقا. فهو إما في كل واحد منهما بخصوصه، أو في أحدهما بعينه دون الآخر، أو فيهما ضمير واحد بالاشتراك.
والأول: باطل، لأنه يقتضي كون كل واحد منهما محكوما به على المبتدأ، وهو جمع بين الضدين. والثاني: يستلزم انتفاء الخبرية عن الخالي من الضمير، واستقلال ما فيه الضمير بها (1)، وهو خلاف المفروض. والثالث هو المطلوب. ثم أيده بتجويز سيبويه: " قام زيد وذهب عمرو الظريفان ". والعامل في الصفة هو العامل في الموصوف.
ولا يذهب عليك: أن هذا الحكم المنقول عن سيبويه هنا يخالف ما نقل عنه ثم، من النص على عدم الجواز. وقد نقل هذا الحكم أيضا نجم الأئمة - رحمه الله - عن الخليل وسيبويه، ونقل عن سيبويه القول بأن العامل في الصفة هو العالم في الموصوف، وارتضاه.
والجواب عن الخامس: أن الاستثناء من الاستثناء إنما وجب رجوعه إلى ما يليه دون ما تقدمه، لان تعليقه بالامرين يقتضي الغاءه وانتفاء فائدته. فان القائل إذا قال: " لك عندي عشرة دراهم، إلا درهمين "، كان المفهوم من اللفظ الاقرار بالثمانية، فإذا قال عقيب ذلك: " إلا درهما " رجع الاقرار إلى تسعة، لكونه مخرجا من الدرهمين الذين وقع استثناؤهما من العشرة. فلو عاد