بالعدالة، من حيث إن تزكية الشاهد لا يكتفى فيها بالواحد. وهذا من أكبر (1) الشواهد على أن النظر في الوجه الأول إنما هو إلى القياس، كما نبهنا عليه.
إذا عرفت هذا، فاعلم: أن طريق (2) معرفة الجرح كالتعديل. والخلاف في الاكتفاء بالواحد، واشتراط (3) التعدد جار فيه. والمختار في المقامين واحد.
أصل اختلف الناس في قبول الجرح والتعديل مجردين عن ذكر السبب. فقال قوم:
بالقبول فيهما، وصار آخرون إلى خلافه فأوجبوا ذكر السبب فيهما، وفصل ثالث، فأوجبه في الجرح، دون التعديل. ورابع فعكس. واستندوا في هذه الأقوال إلى اعتبارات واهية ووجوه ركيكة، لا جدوى في التعرض لذكرها (4). ولا أعلم في الأصحاب قائلا بشئ منها، إذ المتعرض منهم للبحث في هذا الأصل قليل، على ما وصل إلينا.
والذي استوجهه العلامة (5) - رحمه الله - هنا: هو (6) أن المزكي والجارح إن كانا عارفين بالأسباب قبل الاطلاق فيهما وإلا وجب ذكر السبب فيهما.
وذهب والدي - رحمه الله (7) - إلى الاكتفاء بالاطلاق فيهما حيث يعلم عدم المخالفة فيما به يتحقق (8) العدالة والجرح، ومع انتقاء ذلك يكون القبول موقوفا على ذكر السبب. وهذا هو الأقوى، ووجهه ظاهر لا يحتاج إلى البيان، ومنه يعلم ضعف ما استوجهه العلامة - رحمه الله - (9).
أصل إذا تعارض الجرح والتعديل قال أكثر الناس: يقدم الجرح، لان فيه جمعا