موضوعا للمعنى الأعم، إذ قد يستفهم عن أفراد المتواطي لشيوع التجوز به عن أحدها، فيقصد بالاستفهام رفع الاحتمال. ولهذا يحسن فيما نحن فيه أن يجاب بالتخيير بين الامرين، حيث يراد المفهوم من حيث هو، من (1) دون أن يكون فيه خروج عن مدلول اللفظ. ولو كان موضوعا لكل واحد منهما بخصوصه، لكان في إرادة التخيير بينهما منه خروج عن ظاهر اللفظ وارتكاب للتجوز، ومن المعلوم خلافه.
فائدة إذا قلنا: بأن الامر للفور، ولم يأت المكلف بالمأمور به في أول أوقات الامكان، فهل يجب عليه الاتيان به في الثاني أم لا؟ ذهب إلى كل فريق.
احتجوا للأول: بأن الامر يقتضى كون المأمور فاعلا على الاطلاق، وذلك يوجب استمرار الامر. وللثاني: بأن قوله: إفعل يجري مجرى قوله: إفعل في الآن الثاني من الامر، ولو صرح بذلك، لما وجب الاتيان به فيما بعد. هكذا نقل المحقق والعلامة الاحتجاج، ولم يرجحا شيئا.
وبنى العلامة الخلاف على أن قول القائل: افعل، هل معناه: إفعل في الوقت الثاني، فان عصيب ففي الثالث؟، وهكذا. أو معناه: إفعل في الزمن (2) الثاني، من غير بيان حال الزمن (3) الثالث وما بعده؟. فان قلنا بالأول اقتضى الامر الفعل في جميع الأزمان، وإن قلنا بالثاني لم يقتضيه، فالمسألة لغوية. وقد سبقه إلى مثل هذا الكلام بعض العامة.
وهو وإن كان صحيحا إلا أنه قليل الجدوى، إذ الاشكال إنما هو في مدرك الوجهين الذين بنى عليهما الحكم، لا فيهما. فكان الواجب أن يبحث عنه.
والتحقيق في ذلك: أن الأدلة التي استدلوا بها على أن الامر للفور ليس مفادها،