وأجيب عن الأول: بالمنع من دلالته على العموم، وذلك لان مدلول العام كل فرد، ومدلول الجمع مجموع الافراد، وبينهما بون بعيد.
وعن الثاني: بأنه مجاز (1)، لعدم الاطراد.
وفي الجواب عن كلا الوجهين نظر:
أما الأول، فلانه مبني على أن عموم الجمع ليس كعموم المفرد، وهو خلاف التحقيق، كما قرر في موضعه.
وأما الثاني، فلان الظاهر: أنه لا مجال لانكار إفادة المفرد المعرف العموم في بعض الموارد حقيقة، كيف ودلالة أداة التعريف على الاستغراق حقيقة وكونه أحد معانيها، مما لا يظهر فيه خلاف بينهم، فالكلام حينئذ إنما هو في دلالته على العموم مطلقا، بحيث لو استعمل في غيره كان مجازا، على حد صيغ العموم التي هذا شانها. ومن البين: أن هذه الحجة لا تنهض باثبات ذلك، بل إنما تثبت (2) المعنى الأول الذي لا نزاع فيه.
فائدة مهمة حيث علمت أن الغرض من نفي دلالة المفرد المعرف على العموم، كونه ليس على حد الصيغ الموضوعة لذلك، لا عدم إفادته إياه مطلقا، فاعلم: أن القرينة الحالية قائمة في الأحكام الشرعية غالبا، على إرادة العموم منه، حيث لا عهد خارجي، كما في قوله تعالى: " وأحل الله البيع وحرم الربا " (3) وقوله عليه السلام: " إذا كان الماء قدر كر لم ينجسه شئ " (4)، ونظائره، ووجه قيام القرينة على ذلك امتناع إرادة الماهية والحقيقة، إذ الأحكام الشرعية إنما تجري على الكليات باعتبار وجودها، كما علم آنفا.
وحينئذ، فاما أن يراد الوجود الحاصل بجميع الافراد أو ببعض (5) غير معين.