وحالنا فيما نحن فيه هكذا، فانا لا نعلم أقصد المتكلم الكل، أو الأخيرة وحدها؟ لكنا نعلم أن الأخيرة مقصودة على كل حال، فالشك في قصد (1) غيرها.
ولو فرض أن المتكلم نصب قرينة على إرادة الكل، لم يكن خارجا عندنا من موضوع اللفظ، ولا عادلا عن حقيقته، بل كان مستعملا له فيما هو موضوع له عموما. ويلزم من قال باختصاص الأخيرة أن يكون المتكلم، بإرادتها مع الباقي، متجوزا ومتعديا عن موضوع اللفظ إلى غيره. وهذا بعيد جدا، بعد ما علمت من عموم الوضع في المفردات، وانتفاء الدليل في كلامه (2) وفى الواقع على كون الهيئة (3) التركيبية موضوعة للتعلق بالأخيرة فقط.
على أنه لو ثبت ذلك، لاشكل جواز التجوز بها في الاخراج من الجميع، لتوقفه على وجود العلاقة، وفي تحققها نظر. وقد مر غير مرة أن علاقة الكل والجزء بالنسبة إلى استعمال اللفظ الموضوع للجزء في الكل، ليست على إطلاقها، بل لها شرائط، وهي ههنا مفقودة (4).
والجواب عن الثاني: أن حصول الاستقلال بتعلقه بالأخيرة، إنما يقتضي عدم القطع بالتعلق بغيرها. ونحن نقول به، إذ العود إلى الجميع عندنا وعند السيد رضي الله عنه - محتمل، لا واجب.
واما قوله: " لو جاز مع إفادته واستقلاله الخ " (5)، فظاهر البطلان، لان ما يستقل بنفسه ولا تعلق له بغيره وجوبا ولا جوازا، لا يجوز أن يتعلق (6) بغيره قطعا، بخلاف ما نحن فيه، فإنه من الجائز مع حصول الاستقلال بالتعلق بالأخيرة أن يتعلق بالجميع وإن لم يكن لازما.
قال علم الهدى - رضي الله عنه - (7) مشيرا إلى هذه الحجة في جملة جوابه عنها: