استعمال الاستثناء في الاخراج من الجميع، فإنه مجاز على ذلك القول، محتمل عند أول هذين، حقيقة عند ثانيهما.
وفصل بعضهم تفصيلا طويلا، يرجع حاصله إلى اعتماد القرينة على الامرين. واختاره العلامة في التهذيب (1). وليس بجيد، لان فرض وجود القرينة يخرج عن محل النزاع، إذ هو فيما عرى عنها.
والذي يقوى في نفسي: أن اللفظ محتمل لكل من الامرين، لا يتعين لأحدهما إلا بالقرينة. وليس ذلك لعدم العلم بما هو حقيقة فيه، كمذهب الوقف، ولا لكونه مشتركا بينهما مطلقا، كما يقوله (2) المرتضى - رضي الله عنه - و إن كنا في المعنى موافقين له. ولولا تصريحه - رحمه الله - بلفظ " الاشتراك " في أثناء الاحتجاج، لم يأب كلامه الحمل على ما اخترناه، فإنه قال: " والذي أذهب إليه: أن الاستثناء إذا تعقب جملا، وصح رجوعه إلى كل واحدة (3) منها لو انفردت، فالواجب تجويز رجوعه إلى جميع الجمل كما قال الشافعي، وتجويز رجوعه إلى ما يليه على ما قال أبو حنيفة، وأن لا يقطع على ذلك إلا بدليل منفصل، أو عادة، أو أمارة. وفي الجملة: لا يجوز القطع على ذلك بشئ يرجع (4) إلى اللفظ ".
هذا. والحال فيما صرنا إليه، نظير ما عرفت في مذهبي الوقف والاشتراك، من الموافقة بحسب الحكم للقول بتخصيص الأخيرة، لكونها متيقنة التخصيص على كل تقدير. غاية ما هناك أنه لا يعلم كونها مرادة بخصوصها أو في جملة الجميع. وهذا لا أثر له في الحكم المطلوب، كما هو ظاهر (5). فالمحتاج إلى القرينة في الحقيقة إنما هو تخصيص ما سواها.
ولنقدم على توجيه المختار مقدمة يسهل بتدبرها كشف الحجاب عن وجه