لأنا نقول: إن كان ذلك حاصلا لكل مكلف لم يبق من يوصف بالمؤاخذة فيحصل الغرض وهو سقوط الاثم، وإن لم يكن معلوما لكل مكلف لزم أن يكون الحكم بالشهادة موقوفا على العلم بحصول تلك الأدلة للشاهد منهم، لكن ذلك محال، ولأن النبي صلى الله عليه وآله (1) كان يحكم بإسلام الأعرابي من غير أن يعرض عليه أدلة الكلام ولا يلزمه بها (2)، بل يأمره بتعلم الأمور الشرعية اللازمة به (3) كالصلاة وما أشبهها.
وفي هذا الكلام إشعار بميل المحقق إلى موافقة الشيخ (4) على ما حكاه عنه، أو تردده فيه. مع أنه ليس بشئ، لان تحرير (5) الأدلة بالعبارات المصطلح عليها ودفع الشبهة الواردة فيها ليس بلازم. بل الواجب معرفة (6) الدليل الاجمالي بحيث يوجب الطمأنينة. وهذا يحصل بأيسر نظر. فلذلك لم يوقفوا قبول (7) الشهادة على استعلام المعرفة، ولم يكن النبي، صلى الله عليه وآله، يعرض الدليل على الأعرابي المسلم، إذ كانوا يعلمون منهم العلم بهذا القدر، كما قال الأعرابي: " البعرة تدل على البعير وأثر الاقدام على المسير؟، أفسماء ذات أبراج وأرض ذات فجاج لا تدلان (8) على اللطيف الخبير؟ ".
أصل (9) ويعتبر في المفتي الذي يرجع إليه المقلد مع الاجتهاد أن يكون مؤمنا عدلا، وفي صحة رجوع المقلد إليه علمه بحصول الشرائط فيه، إما بالمخالطة المطلقة (10)، أو بالاخبار المتواترة، أو بالقرائن الكثيرة المتعاضدة، أو بشهادة العدلين العارفين.