أصل الاجماع يطلق لغة (1) على معنيين: أحدهما: العزم، وبه فسر قوله تعالى:
" فأجمعوا أمركم " (2) أي اعزموا وثانيهما: الاتفاق. وقد نقل في الاصطلاح: إلى اتفاق خاص، وهو اتفاق من يعتبر قوله من الأمة في الفتاوى الشرعية على أمر من الأمور الدينية.
والحق إمكان وقوعه، والعلم به، وحجيته. وللناس (3) خلاف في المواضع الثلاثة: فزعم قوم أنه محال، وأحال آخرون (4) العلم به مع تجويز وقوعه، ونفى ثالث حجيته (5) معترفا بامكان الوقوع والعلم به. والكل باطل، والذاهب إليه شاذ، وحججه (6) ركيكة واهية، فهي بالاعراض عنها أجدر، والاضراب عن حكايتها والجواب عنها أليق.
وقد وقع الاختلاف بيننا وبين من وافقنا على الحجية من أهل الخلاف في مدركها: فإنهم لفقوا لذلك وجوها من العقل والنقل لا يجدي طائلا. ومن شاء أن يقف عليها فليطلبها (7) من مظانها، إذ ليس في التعرض لنقلها كثير فائدة.