أصل ذهب العلامة - رحمه الله - في التهذيب (1)، وكثير من العامة: إلى أن تعدية الحكم في تحريم التأفيف إلى أنواع الأذى الزائد عنه من باب القياس وسموه بالقياس الجلي. وأنكر (2) ذلك المحقق - رحمه الله - وجمع من الناس، واختلفوا في وجه التعدية، فقيل: إنه دلالة مفهومه وفحواه عليه وسموه بهذا الاعتبار مفهوم الموافقة، لكون حكم غير المذكور فيه موافقا لحكم المذكور. ويقابله مفهوم المخالفة، وهو ما يكون غير المذكور فيه مخالف للمذكور (3) في الحكم، كمفهوم الشرط والوصف، ويسمى هذا دليل الخطاب. ويقال للأول: فحوى الخطاب (4) أيضا ولحن الخطاب. وقال قوم: إنه منقول عن موضوعه اللغوي إلى المنع من أنواع الأذى. وهو صريح كلام المحقق رحمه الله.
حجة الذاهبين إلى كون مثله قياس: أنه لو قطع النظر عن المعنى المناسب المشترك المقصود من الحكم، كالاكرام (5) في منع التأفيف، وعن كونه آكد في الفرع، لما حكم به. ولا معنى للقياس (6) إلا ذلك.
وأجيب بأن المعنى المناسب لم يعتبر لاثبات الحكم حتى يكون قياسا، بل لكونه شرطا في دلالة الملفوظ على حكم المفهوم لغة. ولهذا يقول به كل من لا يقول بحجية القياس، ولو كان قياسا لما قال به النافي له.
ورد: بأنه لا نافي للقياس الجلي، أعني ما يعرف الحكم فيه بطريق (7) الأولى.
حتى يقال: إنه قائل بهذا المفهوم دون القياس. ويجعل (8) ذلك حجة على أنه ليس (9)