الاقتصار عليهما من دون إرادة الفعل.
والجواب عن الأول: أن المحو والاثبات متعلقان (1) على المشية ولا نسلم أنه تعالى يشاء مثل هذا. وعن الثاني: أن إبراهيم - عليه السلام لم - يؤمر بالذبح الذي هو فري الأوداج، بل بالمقدمات (2) كما يدل عليه قوله تعالى: " قد صدقت الرؤيا ". (3) ولو كان ما فعله بعض المأمور به لكان مصدقا لبعض الرؤيا. وقد سبق بيان ذلك. وعن الثالث: المطالبة بصحة الرواية، مع أن فيها طعنا على الأنبياء بالاقدام على المراجعة في الأوامر المطلقة. وعن الرابع: أن الأمر والنهي يتبعان متعلقهما، فان كانا حسنا كانا كذلك وإلا قبيحا (4)، على أنه - لو صح ذلك - لم يكن متعلق الامر مرادا فلا يكون مأمورا به وينتفي النسخ حينئذ.
أصل يجوز نسخ كل من الكتاب والسنة المتواترة والآحاد بمثله، ولا ريب فيه. و نسخ الكتاب بالسنة المتواترة وهي به، ولا نعرف (5) فيه من الأصحاب مخالفا، وجمهور أهل الخلاف وافقونا فيه، وأنكره (6) شذوذ منهم، وهو ضعيف جدا لا يلتف إليه، ولا ينسخ الكتاب والسنة المتواترة بالآحاد عند أكثر العلماء، لان خبر الواحد مظنون وهما معلومان ولا يجوز ترك المعلوم للمظنون. وذهب شرذمة من العامة إلى جوازه، وربما نفى بعضهم (7) الخلاف في الجواز مدعيا أن محله هو الوقوع، وأما أصل الجواز فموضع وفاق. وأرى البحث في ذلك قليل الجدوى.
فترك الاشتغال بتحقيقه أحرى.
وأما الاجماع: ففي جواز نسخه والنسخ به خلاف مبني على الخلاف في أن