الدليل على تعيينه، كما في موضع النزاع، فان الباقي أقرب إلى الاستغراق. وما ذكرناه من الدليل يعينه أيضا، لإفادته كون التخصيص قرينة ظاهرة في إرادته، مضافا إلى منافاة عدم إرادته للحكمة، حيث يقع (1) في كلام الحكيم، بتقريب ما مر في بيان إفادة المفرد المعرف للعموم، إذ المفروض انتفاء الدلالة على المراد ههنا من غير جهة التخصيص. فحينئذ يجب الحمل على ذلك البعض، وسقط ما ذكرتموه. هذا مع أن الحجة غير وافية بدفع القول بحجيته في أقل الجمع، إن لم يكن المحتج بها ممن يرى جواز التجاوز (2) في التخصيص إلى الواحد، لكون أقل الجمع حينئذ مقطوعا به، على كل تقدير.
وعن الثاني: بالمنع من عدم الظهور في الباقي، وإن لم يكن حقيقة. وسند هذا المنع يظهر من دليلنا السابق. وانتفاء الظهور بالنسبة إلى العموم لا يضرنا.
واحتج الذاهب إلى أنه حجة في أقل الجمع: بأن أقل الجمع هو المتحقق، والباقي مشكوك فيه، فلا يصار إليه.
والجواب: لا نسلم أن الباقي مشكوك فيه، لما ذكرنا من الدليل على وجوب الحمل على ما بقي.
أصل ذهب العلامة (3) في التهذيب (4) إلى جواز الاستدلال بالعام قبل استقصاء البحث في طلب التخصيص (5)، واستقرب في النهاية (6) عدم الجواز، ما لم يستقص في الطلب وحكى فيها كلا من القولين عن بعض من (7) العامة. وقد اختلف كلامهم في بيان موضع النزاع.