سلمنا، لكن التعديل إنما يقبل مع انتفاء معارضة الجرح له. وإنما يعلم الحال مع تعيين المعدل (1) وتسميته، لينظر (2) هل له جارح أو لا. ومع الابهام لا يؤمن وجوده. والتمسك في نفيه بالأصل غير متوجه بعد العلم بوقوع الاختلاف (3) في شأن كثير من الرواة.
وبالجملة: فلابد (4) للمجتهد من البحث عن كل ما يحتمل أن يكون له معارض حتى يغلب على ظنه انتفاؤه، كما سبق التنبيه عليه في العمل بالعام قبل البحث عن المخصص.
إذا عرفت هذا، فاعلم: أن وصف جماعة من الأصحاب كثيرا من الروايات بالصحة من هذا القبيل، لأنه في الحقيقة شهادة بتعديل رواتها وهو بمجرده غير كاف في جواز العمل بالحديث، بل لابد من مراجعة السند، والنظر في حال الرواة، ليؤمن من معارضة الجرح.
أصل لا بد (5) للراوي من مستند يصح له من أجله رواية الحديث ويقبل منه بسببه (6).
وهو في الرواية عن المعصوم نفسه ظاهر معروف. وأما في الرواية عن الراوي فله وجوه. أعلاها السماع من لفظه سواء كان بقراءة في كتابه (7)، أو بإملائه من حفظه. ودونه، القراءة عليه مع إقراره به وتصريحه بالاعتراف بمضمونه. ودون ذلك إجازته رواية كتاب ونحوه ويحكى عن بعض الناس إنكار جواز الرواية بالإجازة، ويعزى إلى الأكثرين خلافه. وهذا البحث غير منقح في كلام الأصحاب. وتحقيق القول